Black Mirror - New written episode.


دايماً كنا بنتفرج على أفلام فيها بيسيطر على الأرض آليين، أو مجموعة من القرود، أو حتى فضائيين بيغزوا الكوكب ويتحكموا في مصير البشرية وأحيانًا بيدمروها.
لكن الواقع دلوقتي إن البشر هم نفسهم المصير الأسوأ والعدو الأخطر على الأرض واللي فيها.
في الماضي التكنولوجيا اتطورت بسرعة كبيرة، كانت العصاية السحرية اللي بيستخدمها الإنسان عشان يسخر كل حاجة لصالحه، ويخلي حياته أسهل. لكن الحكاية البشعة بتبتدي بحاجة بسيطة.. خواتم بتتنبأ بمشاعر البشر، حسب تغيير الألوان بتقدر تعرف الشخص ده حاسس بإيه.
في البداية كان الموضوع مجرد فكرة خيالية، بدأ الناس يوهموا بيها الجمهور عشان يشتروا منتج مالوش أي منفعة حقيقية. حتى الكونسبت بتاعه مكانش حقيقي.
لكن الفكرة أثارت حماس بعض العلماء اللي فعلاً فضلوا يدرسوا النواقل العصبية، ومراكز الإحساس، ويربطوها بتكنولوجيا كانت فعلاً بتقدر تقيس نسبة الهرمونات في الجسم ودقات القلب، واتساع حدقة العين، ومعدل التنفس، ومع ربط البيانات دي ببرنامج فيه مراجع لكل قياس، كانت (ساعات الإحساس) زي ما سموها بتقدر فعلاً تقولك إنت أو الشخص اللي لابسها حاسس بإيه.
بدقة تامة كنت تقدر تعرف حبيبتك سعيدة معاك، ولا بتزيف مشاعرها. كنت تقدر تعرف الموظف اللي بيقولك مئات الأعذار عنده حالة وفاة وتعيس فعلا ومش قادر يشتغل، ولا بيشتغلك.
كانت الساعات زي آلات كشف الكذب.. بس لكل المشاعر اللي البشر ممكن يحسوها.
اتطور الموضوع على مدار السنين، بقينا نتحكم في كائنات تانية كتير، وتجارب التكنولوجيا دي بقت تقريباً تقتحم كل مجال.
فران التجارب خضعت لاختبار مماثل، بقينا نعرف هي حاسة بإيه ساعة المطر، بتحس بإيه ساعة التجربة، وبعدها، بيحسوا بإيه ساعة قرب شريكهم، أو موته..
الكائنات المفترسة في البرية خضعت لتحليلات كتير، بقينا نراقب مشاعرهم في كل لحظة، مفيش كائن ليه تأثير على حياة الإنسان إلا وكنا متابعينه وعارفين هو بيحس بإيه.
تخيل الحياة دي..
تخيل تقرب من قرش حي، وإنت عارف إنه مش هياكلك، ولا يهاجمك، لإنه مش جعان، ولإنه مش حاسس بالتهديد منك، ولإنه كمان مش غضبان..
تخيل تعرف تقرا كل الأحاسيس اللي بتمر بيها إناث كائنات مختلفة ساعة الولادة، مشاعر متضاربة وغريبة وبكميات مهولة.
تخيل تعرف لو حد بيحبك فعلا، أو بيحب حاجة بتقدمهاله، أو حتى بيحب صاحبك أكتر منك!
كل الناس بقت مكشوفة قدام بعض.
كل مناظرات السياسيين بقت عبارة عن مهزلة وكوميديا سوداء
كل قصص الحب المزيفة انتهت في لحظة بدايتها.
والحياة بقت أصعب على ناس كتير ومنهم المسئولين، اللي مابقوش يقدروا يزيفوا كلامهم أو أفعالهم قدام جمهور سهل يكشف ده..
ده مكانش أسوأ كابوس ممكن نعيشه بسبب التكنولوجيا دي.
بعد سنين وسنين من الشغل على تكنولوجيا المشاعر وقرايتها، الإنسان قدر فعليًا يتحكم ولأول مرة في المشاعر دي.
في البداية كانت التجارب على كائنات أقل أهمية من البشر.
الحياة بقت أشبه بسيرك كبير البشر بيحرك فيه كل حاجة تقريباً لصالحه.
فيه دول بدأت تنظم هجوم خفي بواسطة الطيور الجارحة والحيوانات على دول تانية، ومكانش مفهوم وقتها سبب الهجمات دي إيه.
لكن كل اللي كان مفهوم إن الكائنات دي حاسة بالغضب والثورة، وإن نيتها الأذى.
لحد ما تم فضح المشروع اللي كانت نهايته إن البشر بيقدروا يتحكموا في مشاعر أي كائن حي خضع لتجربة قياس المشاعر.
تخيل لو تملك القوة عشان تخلي حد يحس بالأمان أول ما يشوفك، إنت تقدر بده تخليه يحبك، أو حتى تستعبده.
الجيوش استخدمت التقنية دي أثناء الحروب بينها وبين بعض، بقوا يتحكموا في مشاعر الجنود، ويقللوا احساسهم بالخوف، ويعلوا احساسهم بالغضب، والانتقام، مع انعدام احساسهم بالألم..
تكنولوجيا بسيطة وبريئة بقت قادرة بمرور السنين إنها تخلق وحوش ضارية في صورة بشر. مكانش الجندي بيقدر يفرق امتى يوقف عشان يحافظ على حياته، وده كان بيتسبب في هلاكهم. كلهم.
العالم ثار، الوضع بقى مخيف، أي حد في إيده السلاح ده يقدر يحكم العالم، ويسخره تحت رجليه.
بدأ مجموعة من العلماء تحت اسم "جمعية الطبيعة" يشتغلوا على تكنولوجيا دفاعية معاكسة. يقدر بيها الناس يحموا نفسهم من خطر الوقوع تحت حكم حد.
بقى لكل الناس سيستم واللي يقدر يخترق السيستم بتاعك يقدر يتحكم فيه وتكون عروسة ماريونيت في إيده، هيخليك تعمل أي حاجة.
فيه شركات تحكمت في موظفينها وأعدمت احساسهم بالتعب أو الارهاق.
حولت قوى بشرية وعقول بشرية لحواسيب وآلات ما بتاخدش أجازات ولا بتشتكي، ولا بتنام. وده كان بيزود انتاجيتهم مع مرور الوقت، لكن كان بيعرض الموظفين للخطر، والموت.
الإنسان فقد هويته لما تم السيطرة على مشاعره.
وكأعراض جانبية للتحكم في المشاعر.. ظهر مرض قاتل ومميت، بيه بتنتهي البشرية للأبد..
بناءًا على تجارب الإنسان اللي عاشها وذكرياته، بيكون عنده مخزون من مشاعر كتير.
الطفل أول ما بيتولد مبيبقاش قادر يحس بخوف ناحية أي كائن تاني، إلا لو اتعلم الخوف ورد الفعل من إنسان عاقل بالغ، وهنا قدروا يوصلوا لاستنتاج إن المشاعر بتُحفَز أول ما يكون فيه دافع ليها.
يعني الإنسان عنده مخزون من المشاعر ممكن ينتهي، لو قدرت تستنزف كل ما يملك من شعور ما بيحسه.
تقدر مع الوقت تخلص إنسان من شعوره بالخوف لو حفزت احساس الخوف عنده، لحد ما قدرت تحرره منه
The only way out is through.
تقدر تشفي إنسان من الإكتئاب لو حفزت عنده أحاسيس كتير زي القلق، والخوف، والحزن، وغيرهم
لحد ما ينضبوا تماماً، ويقدر يبقى حر منهم، وما يحسش بيهم مرة تانية.
تقدر تقوّم سلوك مجرمين كتير بتحريرهم من أحاسيس كانت السبب في اتركابهم لجرايم مختلفة.
لكن على صعيد تاني، بقى الإنسان يقدر يحب مرة واحدة.
يقدر يشعر بالسعادة الحقيقية مرة واحدة.
يقدر يحزن مرة واحدة.
يحس بالجوع مرة واحدة.
يحس بالألم مرة واحدة.
يحس بالفقد مرة واحدة.
وكتير من المشاعر اللي ما يكفيش إنك تحسها مرة واحدة.
جمعية الطبيعة وبعد خضوعهم للهجوم، قدروا يهربوا ويعيشوا بعيد عن باقي العالم اللي أصبح ضحية للتكنولوجيا دي وأمراضها وأعراضها الجانبية.
خارج المنطقة المحظورة اللي كانت مقر جمعية الطبيعة، العالم كله اتغير..
بقى مكان صعب التواجد فيه، لإن اللي موجودين فيه مبقوش بشر. بقوا حاجة تانية غريبة.. أجيال كتير اتولدت بخلل هرموني، ووظائف أعصاب مضطربة، كل اللي كان بيميزنا كبشر، ضاع مننا. وساعتها إحنا كمان ضعنا.
لكننا هنا في جمعية أبناء الطبيعة، اكتشفنا الحل، والعلاج.. وخصوصا بعد ولادة بشر طبيعيين، قادرين يحسوا بكل حاجة من غير مؤثر خارجي.. كانوا منيعين ضد التحكم في المشاعر.. زي البشر الأوائل قبل ظهور التكنولوجيا دي من أكتر من قرن.
الحل والعلاج كان هو غزونا للعالم اللي انفصلنا عنه، مكانش فيه حل غير اننا نقضي عليهم، ونبني العالم من جديد على إيد أبناء الطبيعة.
لكن العالم اللي انعزلنا عنه، واللي سيبناه من سنين.. مكانش لسه على نفس الشكل.. لما خرجنا من المنطقة المحظورة، مكانش فيه وجود لأي بشر... كان فيه آثار باقية لوجودهم..
فضلنا نصلح الخراب اللي عملوه، ونبني حياة جديدة.
وبعد مرور 25 سنة..
اكتشفنا مفاجأة كنا بالغباء الكافي عشان ما نفكرش فيها...
البشر خارج المنطقة المحظورة ما اختفوش ولا ماتوا..
لكنهم غادروا الأرض بعد ما دمروها.. وكان عندهم القدرة يعملوا ده بكل سهولة..
لكن دلوقتي بعد مرور أكتر من نص قرن.. تلقينا رسالة تهديد منهم، بتقولنا إن رسالتهم هي ترقية أشباه البشر الأوائل.. وإن المشاعر عطلتنا لزمن طويل عن غزو الكون واكتشاف المجهول.. وهي العدو الوحيد اللي لازم يقضوا عليه..
بعد 48 ساعة، اللي كانوا في يوم بشر، وسكنوا الأرض.. هيقوموا بالهجوم علينا.. منعرفش شكلهم بقى عامل إزاي، ما نعرفش لأي مدى أثر غياب المشاعر عليهم.. لكننا عارفين حاجة واحدة.. إننا حقيقي خايفين من المواجهة.
(في عالم Black Mirror)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

مبقاش سر