حياة سعيدة - Happy life



أنا سلمى عبد التواب، بأعترف بجريمتي، أنا كنت السبب في إنتحار 463 بني آدم.
- الصيغة يا دكتورة سلمى.
أنا سلمى عبد التواب، بأعترف بجريمتي ضد المجتمع، أنا صاحبة شركة (حياة سعيدة) أو Happy Life
وبسبب فكرتي وخدمات الشركة اللي قدمناها، ظهرت أعراض جانبية على أكتر من 1000 عميل، وما لحقناش ننقذهم كلهم، أنا بقبل العقوبة، وموافقة على كل اللي المحكمة هتتخذه ضدي من إجراءات...

ده كان النص اللي ذاعته تقريباً كل القنوات اللي كانت بتنقل المُحاكمة، بس أنا حابب أكتبلكم بوست مُفصل عن الحكاية من أولها، ولحد ما نعرف النطق النهائي بالحكم، خلونا نتسلى في حكاية سلمى عبد التواب، اللي بأدعي من كل قلبي إنها تتعدم في ميدان عام، ونقتص منها على كل الشباب اللي راحوا ضحية لتجاربها وأفكارها المريضة..

كلنا عارفين إن شركة هابي لايف إتأسست من 5 سنين، وقفلت مرتين، وفتحت في النهاية، بس اللي إنتوا ما تعرفهوش، إن كل اللي كان في إيده يقول لأ، أو أه على فتح الشركة كان حرفياً ملعوب في دماغه.

سلمى عبد التواب في الإفتتاح بتاع الشركة عملت مؤتمر كبير، وعرضت موديلز كانوا موافقين على إجراء التجارب عليهم. وحصلهم زرع أفكار، وذكريات، وزي ما دكتورة سلمى سمتها، حفزت عندهم الذاكرة الإنتقائية. يعني ببساطة جابت ناس عندهم أفكار إنتحارية، وصدمات، وكل الأمراض النفسية اللي قلبك يحبها، وبدأت تجري عليهم التجارب. اللي كان فاكر نفسه سوبر مان وبينقذ البشر، زرعت في أفكاره ذكريات العقل فاكر إنها حقيقية، بتقول إنه كان سوبر مان فعلا، لكنه لازم يحتفظ بالسر ويعيش حياته زي أي راجل طبيعي، ودي كانت أول حالة تم علاجها كلياً.. وتاني حالة إنتوا أكيد فاكرينها كانت بنت بتعاني من صدمات عاطفية، وإكتئاب، وزرعت ذكريات في عقلها إن كل ده ما حصلش. واللي يضحك إنها استخدمت فيلم رومانسي كوميدي، وأقنعت عقل المريضة إن دي حياتها فعلا، والعلاج كان فعال والبنت إتكلمت قدامكم بكل حب عن الحياة، لأ وكمان المفروض إنها ارتبطت بعد ما بقت واثقة في نفسها ومقبلة على الحياة.
وتالت حالة كانت أم فقدت عيالها التلاتة وجوزها في حادثة، والست فعلا ظهرت قدامنا وقالت إنها عمرها ما إتجوزت ولا كانت حابة تكون أم، وإنها سعيدة بحياتها بدون مسئوليات، وبلا بلا بلا..

لحد هنا وكان كله تمام، الست بتقدم خدمة للإنسانية، بتتحكم في ذاكرة وأفكار المريض أو الحالة، والوحش بترميه والكويس بتسيبه، لأ واللي معندوش ذكريات جميلة، إحنا هنعمله ذكريات جميلة!
لحد ما إتضح إن الذكريات والأفكار اللي بيتم زرعها في الحالات مش دايمة، وإن العقل بدأ يقاوم الذكريات المُزيفة دي، وحرفياً بيطلعها في أحلام الناس كوابيس.
وهنا بدأت حالات كتير تظهر عندها اضطراب في الهوية، وحالات أكتر كانت عندها أفكار إنتحارية، وحاسين إنهم أغراب عن نفسهم، وإن حياتهم مش حقيقية!
طلعتلنا دكتورة سلمى وقتها بعذر أقبح من ذنب وقالت إن الشركة مش مسئولة عن مخالفة الحالات والمرضى لإرشادات الشركة والمصحة بتاعتها..
وإن طبيعي العملا بتوعها يواجهوا أحلام وكوابيس مؤقتة. لكنها نامت من هنا وصحينا على خبر إنتحار 10 مفيش حاجة بتجمع بينهم غير إنهم مستخدمين لخدمات شركة سلمى، يعني الـ 10 إنتحروا في وقت واحد وكلهم بنفس الطريقة، عشان إستخدموا علاج قدمته شركة هابي لايف.
اتفتح تحقيق وقتها، وسلمى حضرت نفسها ومعملها، ومصحتها، وتقاريرها..
وإتذاع وقتها في التلفزيون إعتراف دكتور من اللي شغالين في الشركة إنه هو المسئول عن اللي حصل، وإن الـ 10 تم تحفيز ذاكرتهم الإنتقائية، يعني عقلهم بقى يبني جدار بينه وبين الواقع والأحداث اللي بتحصلهم، ويفتكر بس اللي هو عايزه، واللي يبان غير مؤذي ليهم.. طيب ليه العشرة في نفس اليوم قتلوا نفسهم وبنفس الطريقة؟ وقتها ده كان سؤال مالوش إجابة، بس أنا هقولكم ليه بعد شوية..
بعد الـ 10 دول فضلنا بتاع سنة ما نسمعش عن الشركة دي ولا شفنا وش سلمى، وكلنا كنا فاكرين إن بعد الفضيحة اللي حصلت الوزارة منعت خدمات الشركة وشمعتها..
بس إتفاجئنا بسلمى مع الوزير نفسه، وهو بيكرمها على مشروعها الجديد، إيه هو المشروع؟ المشروع هتعرفوه كمان أيام..
استنينا لحد ما أعلنت عن الكارثة التانية، ودي اللي اتسببت في موت العدد ده كله، واللي دلوقتي بتتحاكم بسببها، لكن المشكلة مش في سلمى المشكلة كلها كان في اللي ورا سلمى ودعمها وخلاها تكمل...

استنينا الدكتورة تتحفنا، وعشان تبدأ على ماية بيضا، رجعت للموضوع القديم، وقالت إن الـ 10 اللي ماتوا كانوا تضحية كبيرة لمشروع عظيم، اللي هو مشروع النهاردة، يعني إيه يا دكتورة سلمى؟ يعني كبش الفدا اللي رميتيه للتحقيقات مكانش حقيقي؟
لأ.. دول كانوا تجربة حصلت فيها بعض الأخطاء لكن تداركنا كل ده والنهاردة بعلن لكم عن خدمة جديدة مضمونة 100%، ومش بس هتغير مستقبل البلد، دي هتغير مستقبل العالم كله.
الدكتورة قدرت تستخلص ذكريات أي إنسان، وتزرعها في إنسان تاني. يعني إيه؟
يعني واحد سافر ولف العالم كله، وعارف أماكن كتير، عنده ذكريات في كل بلد، ممكن تستخلص ذاكرته وتحطها في عقل شخص مخرجش من بيته! متخيل؟
في البداية الناس كانت متحمسة للفكرة، الوزارة اتحمست لإن الدكتورة وعدتهم بعباقرة في كل المجالات، ماهو لما يكون دكتور ولا عالم عنده 80 سنة، وتستخلص خبرته، وذاكرته وتضيفها لشخص عنده 20 سنة، متخيل إنت هتعمل إنسان خارق، لسه شباب ويقدر يتعلم، وفي نفس الوقت عنده خبرة حياة كاملة عاشها واحد غيره.
أجاوبكم بقا على السؤال بتاع ليه العشرة ماتوا في نفس اليوم وبنفس الطريقة، حاجات كتير بتقدر تتحكم في قرارات الإنسان غير عقله ومشاعره، منها الناس اللي حواليه، منها الظروف والبيئة..
والعشرة دول بعد تزويدهم بذاكرة شخص تاني، نفس الأفكار والذكريات اللي عاشها في اليوم ده قبل كده بقت تهاجمهم هم، حتى مع الذاكرة الإنتقائية، العشرة دخلوا في صراع مع نفسهم، وواجهوا نفس الأفكار اللي واجهها الشخص الأصلي، واللي تم إنقاذه رغم محاولته اللي فشلت في إنهاء حياته.

طيب ثانية بس نفهم، يعني إنتي عاوزة تكرري ده تاني؟
قالت لأ، إحنا هننتقي أكتر الشخصيات المستقرة نفسياً، والأذكى، والأصح، والأقوى، وهنستخلص ذاكرتهم..

تخيل إنت كفنان يكون جوه دماغك دماغ دافنشي؟
ولا إنت ككاتب تقدر تشوف ايه اللي كان بيدور في دماغ حد زي محفوظ
ولا كعالم هتختصر كام سنة لما تقدر تعرف كل اللي دماغ العلماء في مجالك وصلوله؟
يعني بدل ما دماغك كان هارد فيه حاجات تخصك لوحدك، ممكن تحمل عليه ذكريات وأفكار 10 تانيين إنت معجب بحياتهم ونمط تفكيرهم..

فين الآثار الجانبية يا دكتورة؟ مفيش.
غير إنك هتبقى أنجح في كاريرك، وأسعد في حياتك.
وإتفاجئنا وقتها بإن أول حالة كانت الوزير نفسه. أيوة هو نفسه الوزير اللي كان مفروض يقعدها في البيت، بقى تجربة من تجاربها.
وشفنا بعدها اللي حصل من تغييرات في الوزارة والنشاط اللي حل عليهم، وبعد 9 شهور صباح الخير يا شعب، الوزير مات.
نعم؟ الوزير مات..
مات إزاي؟
بعد جلسة من جلساته في شركة هابي لايف
هي فين اللايف؟
ساعتها ظهرت سلمى وهي بتنعي الوزير واتفاجئنا كلنا بإن مفيش أي إجراءات بتتاخد ضدها ولا ضد الشركة.
وفي حوار تلفزيوني معاها قالت إن الوزير كان على علم بمخاطر الجلسات، وكتب إقرار بإنه موافق ومتحمل المسئولية كاملة، واللي قد تؤدي إلى سكتة دماغية يعني موت..

كل شهر كانت سلمى بتكبر مشروعها، وتشتري شخصية جديدة. الشخصية اللي الناس كانوا بيستخدموها عشان يطوروا أفكارهم، وحياتهم..

لكن المصيبة بدأت مع شخصية أعلنت عنها سلمى، وهي شخصية رجل أعمال ناجح وكان العربي الوحيد في قايمة فوربس لأغني رجال العالم، وقالت إنها من أعظم الشخصيات المعاصرة، لكن صاحبها قدر يتعاون مع سلمى قبل ما يموت بشرط إن كل اللي هيعمل copy
من شخصيته وذكرياته ياخدها كاملة بدون أي تعديل.

الناس جازفت وفرحت، كله كان بيحلم يتفسح جوه دماغ البيليونير، لكن مكانوش يعرفوا إن حياته العظيمة كان وراها مأساة كبيرة، وكل العملا اللي اختاروا نسخ ذكرياته، بدأت تظهر عليهم الأعراض الخطيرة بعد أسبوع واحد.. وبدأ الوضع يتفاقم مع مرور الوقت ومع كترة الناس اللي طلبوا الشخصية..
ومش هكدب عليكم في اللي حصل بعد كده، لإني كنت واحد منهم..

كنت محظوظ كفاية عشان يتم إختياري ضمن 1000 بس هيتم طبع شخصية البليونير عليهم. الـ 1000 تم توعيتهم بالمخاطر، دي كانت أول شخصية يتم طبعها في معامل هابي لايف من دون أي تعديل أو دراسة، وده كان المقابل الوحيد اللي طلبه البليونير في مقابل موافقته على نسخ شخصيته.
سلمى نفت مسئوليتها عن كل النتايج، وكلنا كنا منساقين ورا حلم الثراء الفاحش، مهما كانت المخاطر.
لكن سلمى كانت مبسوطة بمنجم الدهب اللي لقته بعد كده، واللي كان عبارة عن أعراض جانبية ظهرت علينا.

بعد أسبوع واحد بدأت أفتكر ذكريات مؤلمة، كانت مؤلمة حرفياً، كأني بأتجلد، ودي كانت الفترة الأولى في تحميل حياة الشخصية على عقولنا، أحلامنا كانت عنيفة، وواقعنا كان عنيف أكتر، تصرفاتنا بدأت تكون غريبة، أنا وإصحابي اللي كسبتهم من التجربة كنا على تواصل، كانت بتراودنا نفس الأحلام، كل واحد فينا وهو طفل، بيتم تعذيبه بأبشع الطرق، شخص ما بدون وجه بيجلده، بيطفي سجاير في جسمه، بيخليه يشوف أمه وهي بتتعذب قدامه، كلنا رغبتنا في الجري وممارسة الرياضة زادت، إهتماماتنا بقت تتغير مع الوقت، لدرجة إني كنت بنام تحت السرير، كنت بعيط أغلب الوقت، جسمي بيعرق ويرتعش من الألم اللي بحسه..
قررت أنا وإصحابي، وأكتر من 400 شخص غيرنا، نرجع للمعامل ونقدم الفحص، ونديلهم تقرير باللي بيحصلنا، وتم حجزنا بالفعل لمدة أسبوعين تانيين، على مدار الأسبوعين سلمى كانت فاهمة اللي بيحصل، لإنها عرفت كل صغيرة وكبيرة عن البليونير الراحل.

وعرفت إنه تلقى علاج نفسي متقدم، خلى عقله عبارة عن غرف، كل غرفة فيها جزء من ماضيها، عقله كان مُرتب لأبعد حد، وكل مرحلة في كل غرفة بتؤدي للمرحلة والغرفة اللي بعدها..
طفولته التعيسة واللي واجه فيها عنف جسدي، وفقد، وتعذيب، وفقر، بتقود كل اللي تم طبع الشخصية عليهم للمرحلة اللي بعدها، والأوضة التانية في عقله كانت مخيفة، لإن البليونير شخصيته بتتحول تماما، وبيبدأ يعنف الآخرين، وبتنتهي رحلته في المرحلة دي من حياته بقتل أعز صديق ليه!
وسلمى شرحتلنا بنفسها بأسلوب مُبسط إن وجودنا في المعامل هو أأمن حل لينا وللقريبين مننا. وإن قوة شخصية البليونير ممكن تتنبأ برغبتنا في إيذاء أقرب الناس لينا، أو رغبتنا في إيذاء نفسنا..
وبمجرد مرورنا بالمرحلة دي وخروجنا منها بسلام، هنوصل للمرحلة اللي في حياته هيبدأ يستقيم ويحقق الثراء، ويكون الشخص اللي كلنا بنتطلع إليه.

مقدرش أقول إن كلامها كان مخادع أو فيه غلط، كل حاجة قالتها أنا كنت عايشها وحاسسها، ولما تساءلنا إزاي مجرد ذكريات وأفكار شخص تكون بالقوة اللي تخليه يتحكم فينا، سلمة قدمت لنا نظرية مكانتش متأكدة من صحتها لكنها كانت مُقنعة على الأقل بالنسبة ليا.

قالتلنا إن فيه أشخاص بعد بتر أطرافهم، بيفضلوا حاسين بوجودها، كإنها لسه موجودة، بل وكمان بيحسوا بالألم في الأطراف اللي تم قطعها.. والعلماء بيسموا الظاهرة دي بالـ phantom pain
يعني الألم اللي بيحس بيه الإنسان من جزء في جسمه معادش موجود من الأساس.
غير إن الذاكرة مش مكمنها العقل بس، فيه ذاكرة بيكون مكمنها الجسد، وذاكرة مكمنها الحواس، يعني جسمك بيفتكر زيه زي عقلك. 
ونظريتها بتقول إن عقل البليونيير كان مُنظم وقوي لدرجة تخلي وعيه ينتقل بالكامل أثناء طبع الشخصية على الـ 1000 حالة.
وهم دلوقتي بيعيشوا حرفيا جوه عقله، مش العكس. وكل حاجة كان فاكرها أو مر بيها، إنتوا هتمروا بيها لكن بشكل أعمق، بمعنى ممكن يكون فيه مبالغة، جسمكم دلوقتي ملبوس بشخصية وعقل البليونيير. وده لإنه أقوى وأذكى من أي عائل فيكم.

كانت بتتكلم علينا كإننا طبق بتري زرعت فيه بكتيريا، لكن لو بصيت للموضوع مش هتلاقيه مختلف كتير عن اللي حصل.

حاولت سلمى توصل لبقية الـ 1000 عشان تبعتلهم تحذيرات، وتقدملهم المساعدة اللازمة، لكن محاولتها كانت متأخرة جدا...
حوالي 60 من اللي خضعوا لطبع الشخصية، تم القبض عليهم بتهمة القتل العمد لحد من قرايبهم أو أصدقائهم المقربين..
وقتها خرجت سلمى من معملها في بيان عاجل، بتحذر كل عائلات الحالات الـ 1000 وبتقولهم جزء من الحقيقة اللي كلنا بقينا عارفينها.
وانتشر بيان سلمى بسرعة الصاروخ، وبدأت الحالات تحس بالذعر، وواحد ورا التاني قرروا ينتحروا عشان يتخلصوا من العذاب اللي بيمروا بيه، والعذاب اللي بيسببوه لعيلتهم..

وحالتنا جوه الأقفاص في معامل سلمى مكانتش أحسن حالا من اللي بيقتلوا نفسهم بره. بإيدينا اخترنا تجربة مُميتة..
كلنا كنا عاوزين الحياة العظيمة اللي عاشها البليونيير، لكن اللي مكناش فاهمينه، إن مفيش حد بقى عظيم غير لما كانت معاناته في البداية عظيمة.
وبرغم إن موقف سلمى القانوني سليم، وكل اللي حصل مكانتش هتتلط فيه، إلا إن الثورة اللي قامت ضدها مخلتش للقضاء حل غير إنه يحاكمها في محاكمة علنية..
لكن المفاجأة الحقيقية اللي حصلت بعد كده، هي قدرة سلمى على التحكم فينا، الفيران اللي كانت في إقفاص التجارب..

سلمى كانت عارفة إن الموضوع مش هيعدي بالساهل، وخصوصاً وعداد الموت لسه بيعد، والجريمة منتشرة في البلد، وكل الناس خايفة من بعض. الشرطة أصدرت أمر بضبط الـ 1000 حالة اللي سلمى طبعت عليهم شخصية البليونيير، وسلمى نفسها إتقبض عليها، وعشان تسكين حالة الهياج اللي حصلت في الشوارع، بدأت المحاكمات كلها متصورة ومنقولة، وسلمى منورة قدامنا على الشاشة..
أنا وكل اللي كان في معامل سلمى قعدنا أيام تحت الفحص لحد ما إتأكدوا إننا مش مصدر تهديد ولا خطر على نفسنا، ولا على الناس.. إحنا اللي تم إنقاذهم من ضمن 1000 راجل وست.

تم إطلاق سراحنا، وأنا رجعت هنا، وتابعت اللي بيحصل، لكن زي ما متعودين مني على الحقيقة الحصرية، بعد رجوعي البيت كنت أحسن بكتير فعلاً، لكني مكنتش على طبيعتي..
محدش عرف إزاي سلمى قدرت تعالجنا، كلمت إصحابي وقالولي إنهم مش فاكرين ولا عايزين يفتكروا اللي حصل، لكن أنا فاجئت نفسي.
وأنا في الحجر الصحي في معامل سلمى قدرت أهرب نوتة وقلم، كنت بكتب كل حاجة بتحصل، قبل وبعد الجلسات، جلسات طبع الشخصية أو زرع الأفكار بتحتاج إننا ننام 24 ساعة متواصلة بعدها، بالطريقة دي العقل بيرتاح ويبدأ يخزن الذكريات اللي تلقاها على مهله، ويطبعها بطريقة غير مؤذية.
كتبت كل اللي سمعته وأنا هناك، وكل اللي حصلي.
سلمى عالجتنا بطريقة واحدة، إنها طبعت شخصية جديدة علينا، بس المفاجأة إنها كانت شخصية سلمى نفسها، وده اللي مش قادر أفهمه.
_______________

في المحكمة:

- عاوزة تقولي حاجة يا دكتورة سلمى قبل النطق بالحكم؟
* أيوة يا ريس.
- إتفضلي.
* أنا زي ما قلت يا ريس في البداية إني هقبل أي عقوبة عاوزين تطبقوها عليا. لكن عاوزاكم تعرفوا إني مش لوحدي
- يعني إيه يا دكتورة مش لوحدك!
* أنا كل هدفي كان خلق مجتمع خالي من الأمراض النفسية، خالي من البشر اللي عاملين زي السرطان في جسد المجتمع، كل همي كان خلق فرصة للناس تعيش حياة من غير ألم، من غير تعاسة، حياة كلها نجاح وسعادة.. لكن مكانش فيه قدامي أي حل تاني. سيادة الريس أي عقوبة هيتم فرضها عليا، لو إعدام مثلا، هتكون بتفرضها على أكتر من 500 شخص غيري من إبنك شخصياً.

زادت الدوشة في المحكمة، كل الناس كانت بتتفرج وهي مصدومة، سلمى أمنت نفسها بينا، أعلنت بكل بجاحة إنها بتتحكم في أكتر من 500 شخص ومصيرهم.
الـ 500 كانوا من النُخبة، إبن القاضي، حفيد المحافظ، أشخاص في وزارة المالية.
بدأ قرار المحكمة يتزعزع، وكل الناس بقت في حيرة من اللي بيحصل..

لكن بدأت ناس من أهالي الضحايا يتهموها بالكدب، ووافقت إنها تثبت إنها على حق. بدأت سلمى تسترجع ذكرى من ماضيها، مجرد ذكرى لكن تأثيرها علينا كان قوي، كل اللي حصل في شخصية البليونير استخدمته سلمى لما طبعت شخصيتها علينا، ده خلانا كإننا عرايس تقدر تلعب بيهم وتحركهم زي ما تحب. 

بدأ أكتر من شخص في قاعة المحكمة يقوم من مكانه ويخبط راسه في الحيطة.. بعد ذهول وارتباك كل الموجودين طلب منها القاضي إنها توقف أياً كان اللي بتعمله..
سلمى كانت مستمتعة بالعرض، ما وقفتش.. لحد ما بدأ واحد فيهم يخبط راسه في القفص الحديد، حاولوا يوقفوه لكن راسه حصلها ضرر كبير.

كانت تقدر تنقي تأذي مين، وإزاي، وإمتى.
وده خلى القاضي يتراجع عن القرار اللي هيئة المحكمة أخدته. وإتأجلت المحاكمة ليوم تاني.

إعدام سلمى كان مطلب شعبي، لكنه في نفس الوقت كان هيؤدي لقتل 500 شخص غيرها.. أقدر أقولكم اللي حصل بعد كده لإنها في دماغي.. سلمى طلبت مننا نسافر ونروح مكان غريب، هناك هنقدر نكبّر الأسطول اللي بتتحكم فيه سلمى.
من مكانها في السجن المؤبد قدرت تزوّد عدد التابعين ليها، كل ما كنت بحاول أخرج من تحت إمرتها كانت بتهدد حياتي، سهل تزرع في دماغي فكرة إني عاوز أموت. لكني عندي قوة سلمى ما تقدرش تتحكم فيها، قدرت أدوّن كل اللي بيحصل، وأحكيه ليكم.. أياً كان إنتوا فين، وبتعملوا إيه في حياتكم، أتمنى تتخذوا القرار الصح.. حتى لو كانت التكلفة هي موت 4000 شخص تابع لسلمى.
و .. و ... و .. و .. و ... و و .. و ... و .. و .. و ... و
و .. و ... و .. و .. و ... و
و .. و ... و .. و .. و ... و
و .. و ... و .. و .. و ... و
و .. و ... و .. و .. و ... و
و .. و ... و .. و .. و ... و
و .. و ... و .. و .. و ... و
و .. و ... و .. و .. و ... و

- بتعمل إيه؟
* و .. و ... و .. و .. و ... و
- بتعصى أوامري؟
و .. و ... و .. و .. و ... و
- أنا فكرة، والفكرة لا يمكن تموت.. وإنت نكرة.. ووقت خلص.
...................................





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

Black Mirror - New written episode.

مبقاش سر