من الحب ما قتل


التطبيق إعلاناته في كل مكان، كإنه بيطاردني! 

فكرة لطيفة جدا، بس بائسة إنك تفشل تلاقي حد يحبك عشانك، عشان عرفك، سمع صوتك، بص في عينيك، شاف أفعالك.. شافك في حالات مختلفة، ولقى إن اللي حابُه فيك أكتر من اللي كرهه.. 
فنقوم نعمل تطبيق، نحط عليه صورنا، والناس تقول لو شكلنا عجبهم أو لا.. 
مش لاقية ليا صورة حلوة بتعبر عني.. 
شئ مخيف إنك تكون غريب عن وشك! عمرك حسيت إن صورة أي حاجة تانية ممكن تبقى بتعبر عنك أكتر من وشك إنت!؟ 
عمرك حسيت إنك في مكان غلط؟ أو بالأحرى في (الجسم) الغلط؟ 
الأكونت بتاعي على فيسبوك كله صور عواميد نور، جدارن مشقوقة.. طيور بتطير في السما، صور فناجين القهوة، بقع النور لما العين تزغلل، عربيات منورة في الضلمة، صور قمر.. وطريق.. ورد أبيض، ورد إسود.. كلام جميل.. ده اللي بحسه بيعبر عني.. 
ساعات ببقى عامود نور.. 
ساعات ببقى شجرة.. 
ساعات بتمنى أبقى زي العصفور اللي بيطير وفارد جناحاته ومش هامه بيته فين، بيته السما كلها.. 
ساعات.. ببقى زي الورد الأبيض.. وساعات مش بشوف فيا غير صورة سودا تماما.. 
فاكرة وشي قبل ما يتشوّه.. 
كُنت جميلة.. عيني كانت جميلة، كانت النظرة تشبه العوم في الفضا.. نجمتين بيلمعوا.. 
فاكرة خدي الشمال كان فيه غمازة، بشرتي كانت صافية..

دكتوري النفسي سألني، دلوقتي شايفة نفسك إزاي؟ 

قلتله حاسة زي الكون، عارف الإنفجار العظيم، اللي بعده كل حاجة حلوة، وسيئة ابتدت على حد سواء! 
من زمان ما بصيتش لنفسي في مراية.. 
أنا كل الأطباق، والمعالق عندي بلاستيك، عشان أبطل ولو بالصدفة أشوف إنعكاسي فيهم.. 
لإني ساعتها بخاف، بحس إني مش في المكان الصح، بحس إني في جسم حد غريب!

من ساعة الحادثة اللي حصلتلي، لما أعادوا ترميم وشي.. بقى شكلي مختلف..

شفته لمرة واحدة، وحصلي إنهيار عصبي.. 
لحد ما قررت إني مش هشوف شكلي مرة تانية.. 
شكلي بقى بشع، مش لإنه مش حلو، بس عشان دي مش أنا..

إزاي بيسمحوا بوجود تطبيقات غبية زي دي!؟ 

إمتى البشر هيفهموا؟

سألني: "إنتي عاوزاهم يفهموا إيه؟"
- عاوزاهم يفهموا إني أكتر بكتير من اللي شايفينه، أنا.. أنا مش وحشة!
قالي: "الجمال بيسبب السعادة، دي طريقة بسيطة لشرح الأمور، لما بنبص في وش حد ونلاقيه متناسق، ومُريح، بنحب ده، وبيدينا شعور بالسعادة.."
- وليه محدش يحس بروحي؟ نصيبي الأكبر من الجمال مدفون فيها.. ودي حاجات مش بتتشاف!
"الجلسة النهاردة انتهت، بس حاولي تفكري ببساطة مفيش داعي لتعقيد الأمور.. ولو كان يفرق معاكي كلامي، فإنتي فعلا جميلة.. وخدي الكتاب ده، اقريه ونتناقش فيه المرة الجاية"
*** 

دكتور غبي.. بس بحب أتكلم معاه.. أنا درست علم نفس لمدة 4 سنين.. 
أي حاجة ممكن يقولها أنا عارفاها.. 
بس كنت بختبره.. 
عندي مشكلة مع النفسيين.. ساعات بيدعوا إنهم آلهة في التفهم، والتسامح، والنصح.. 
فاكرة كويس أوي إنه فشل في أول اختبار.. 
أول لما رحتله.. 
مكانش مفروض يفضل باصصلي كإني وحش على وشك التهامه! 
كان بيحاول يبان طبيعي، بس لغة جسده كانت فاضحاه.. 
تلعثمه ولخبطته في الكلام، 
اختياره لجمل مالهاش معنى على الاطلاق، وأسئلة غير مفهومة، في محاولة منه إنه يبان طبيعي..

بس بشكل ما حسيت إني مبسوطة، لأول مرة أقدر أكتشف شعور زي ده.. 

ده كان الجانب الحلو في الموضوع.. 
كنت بحس بالسعادة اللي بيقولي عليها، لما بشوف نظرات الرعب، والخوف في عينه.. 
حكتله عن التطبيق عشان اللعبة بتكون أحسن لما بتتلعب على الحبل..

مكانش بيعالجني نفسيا لإنه مش عارف مشاعري الحقيقة، والحاجة اللي بفكر فيها إيه.. أنا كنت برميله الكلام اللي هو عاوز يسمعه، عشان بدوره يحللني زي ماهو عاوز.. ويقولي الكلمتين اللي هيدفعوني أكتر لفهم نفسي.. 

بس كان بيساعدني لما بحس إني تفوقت عليه.. كنت بعمل عكس اللي بيقوله تماما.. 
وبحس بلذة الانتصار لما أستغفله، ولما يحس بخوف مني..

التطبيق كان طُعم مثالي، مصيدة لكل الأغبيا اللي زيه، لكل الأغبيا اللي بيحبوا الجمال! 

كان ممتع رؤية نظراتهم المرعوبة، وهم بيبصولي... 
ممتع بطريقة لا توصف!

A beautiful date went wrong!
النهاردة هقابل سيمون مكواير.. 

الجمال بالنسبالها، صورة راجل عضلات بطنه بارزة.. له ذراعين قويين.. وسيم.. 
كانت ساذجة جدا.. إمتى البشر الأغبيا هيفهموا؟ 
الجمال ساعات بيكون فخ، ومصيدة لحاجة أبشع.. 
تماما زي اللي بعمله.. 
ساعات وشوش جميلة.. مخبية شخصيات خبيثة.. إمتى هيفهموا!؟

سيمون الساذجة جات في الميعاد، دخلت المطعم اللي حجزتلها فيه..

لابسة فستان قصير -لأنه بشكل ما هي فاكرة إن كل ما هيشوف جسمها حلو هيحبها أكتر!- 
من التطبيق عرفت لونه المفضل، أزرق.. وعشان كده لابسه جزمة لونها أزرق.. 
وفي ايديها شنطة زرقا.. محاولة إرضاء الطرف التاني في بداية التعارف، عمري ما فهمتها! 
كنت دايما بحس إنه تملق زائف مالوش لازمة.. 
وإنه طريقة يتجاب بيها زجل الزبون..

أنا بحب السوشي.. أوووه وأنا كمان.. 

جملتين بين طرفين، بيوقعوا بيهم بعض.. 
فخ لعقلهم عشان يفكروا إن فيه بينهم حاجات مشتركة، وتشابه هيساعد على توافقهم في العلاقة، وبالتالي المشاكل والاختلافات والخلافات هتكون أقل.. 
بس برده أغبيا..

المفروض سيمون هتدخل تقعد في المطعم، بتوتر هتفضل تبص في الساعة، وتظبط فستانها، هتروح للحمام بين الحين والأخر عشان تظبط مكياجها.. 

وترجع تشرب من كاس الواين الأبيض عشان تهدي توترها.. 
مش مصدقة نفسها إنها هتقابل شخص بالمواصفات دي.. (جذاب) على حسب معاييرها.. 
بس الحقيقة كان ممتع جدا مراقبة كل ضحية ساذجة فيهم، 
والوقت بياكله.. والفضول.. والندم.. والانتظار.

سيمون بيأس، هتفضل تشرب لحد ما تسكر.. 

محدش هييجي.. 
هتقرر تقوم، وهي حاسة باحساس بشع.. حاسة إن مضحوك عليها.. حاس بإن الجمال خذلها.. ووجع قلبها.. وحاسة إن شخص زي ده 
out of her league..

خرجت سيمون، وهي بتطوّح، وبتضحك من الوجع.. كنت واقفة مكاني، جنب عامود نور.. ساندة عليه وبدخن سيجارتي..
ريحة القلوب المكسورة.. بقدر أميزها بسهولة!
It takes one to know one!
مشيت وراها، بدأت تلاحظني، بدأت تسرّع خطوتها.. 

وبدأت أستمتع..

وصلت لحد بيتها، كنت قاصدة أختار مطعم قريب منه.. 

حاولت تفتح بسرعة، وأنا بقرب تجاهها.. السكران دايما بياخد وقت أطول عشان يميز المفاتيح، وقعت منها على الأرض، وكنت خلفها مباشرة.. 
سندة ضهرها على الباب، وكانت بتحاول تبعد نفسها عني.. 
قلتلها هساعدك.. لحسن الحظ كان صوتي لسه جميل.. 
استغربت إني ست، ولابسة هدوم رجالة، ومخبية وشي.
لاحظت وجود ناس في الشارع، مقدرتش أجازف، مديت لها إيدي، وقامت.. 
أخدت منها المفاتيح.. وفتحت..

دخلتها، وكانت اللحظة المناسبة جات.. 

وريتها وشي.. اممم صراخها أفضل حاجة ممكن تظبطلي اليوم.. 
كنت جعانة، جعانة لنظرة الرعب اللي ماتت وهي لسه على وشها.. 
إحساس جميل..

هقفل عليها الباب، وأخرج، ولما البوليس ييجي لسبب ما بعد كام يوم، هيلاقي ملحوظة جنبها، زي بقية الضحايا، 

"حب الجمال هو المسئول عن هذا الحادث البشع"

دلوقتي هفضل أسبوع، أكلم ضحية تانية.. 

الناس على الانترنت، وفي تطبيق زي ده، سهل يعرفوك كل حاجة عن نفسهم.. 
ساكنين فين، قاعدين مع مين.. بيشتغلوا إيه، بيخلصوا امتى، برنامج يومهم.. أحبائهم.. 
وأنا كنت ذكية وقادرة أميز كويس، بين اللي بيكدب ويلفق شخصية مثالية، وبين اللي بيحاول بس يجمل الحقيقة.. شكرا لعلم النفس..

أوستن، ضحيتي الجديدة.. 

الرجال هم ضحاياي المفضلين.. لإنهم أكتر المخدوعين بالوجه الجميل.. 
بس أوستن كان البيرفكت ماتش بتاعته، لازم تكون ست جميلة، طاغية الأنوثة.. شعرها طويل، جسمها متناسق.. ووشها ملائكي! 
أووه.. ضحية مثالية جدا..

من اليوم الأول كنت متشوقة أشوف تعابير وشه لما يشوفني.. 

بس كان قوي البنية، ومهمتي معاه هتكون أصعب..

والحقيقة إنه يقابلني كان موضوع برده أصعب.. 

ما اكتفاش إنه يشوف صوري المزيفة الجميلة.. عشان يطلب يقابلني.. 
كان زنان.. وبيحب يتكلم! 
والكلام مكانش ممتع على الاطلاق.. 
كان بيكلمني عن كلبته اللي بيحبها..!! 
كان بيكلمني عن أول حاجة جرحته في حياته.. عن الأماكن اللي زارها.. 
كنت هصرف نظر تماما.. 
لولا إنه كان قايل شرط مهم في البنت اللي هيحبها إنها تكون "جميلة"

الشرط ده هو اللي خلاني أتمسك بيه، رغم إنه كان بيحب يتكلم في حاجات بتبعدني عن هدفي الأساسي. 

طلب يقابلني بعد 6 أيام كنا بنتكلم فيهم ليل نهار.. لما قلتله نظرية معينة كنت دارساها، وحاولت أمارس معاه دور الطبيبة النفسية.. 
كان بيتكلم عن مشكلة، ولما نسيت نفسي ورديت عليه كـ نفسي.. 
لقيته انبسط، وقالي ان المشكلة فعلا ممكن تتحل.. وإني ساعدته!

ساعتها اتخلق عنده الفضول انه يشوفني.. 

اقترحت المكان، بس رفض.. واقترح مكان عام! 
والصبح!!! حديقة وسط الناس.. خططي كانت بتبوظ 
لكن استنيت للحظة الأخيرة.. 
واستخدمت الخطة ب 
قلتله إني حصلي تسمم، وقاعدة في البيت، مش هقدر أطلع.. من البداية عارف إني لوحدي، ومحدش معايا.. 
كان مهتم.. وصمم يجيلي.. 
الخطة بتنجح..

اديته عنوان مستودع قديم، أول مرة اتقالي فيها بحبك كان هنا، في الثانوية، لما كنا بنقتحم المكان احنا واصحابنا، وفجأة وقفني وقالي بحبك..
اخترت مكان هيوجعني أنا أكتر.. بس هو الوحيد اللي جه في بالي.. 

وكان بعيد عن العمار..

أوستن مكانش عارف المكان، عشان كده جه، لما وصل، كلمني.. 

ما تغزلش في صوتي، زي اللي قبله ما عملوا أول مكالمة! 
سألني وقالي أنا وصلت، بس إنتي بتضحكي عليا!؟ 
مفيش بيوت هنا أصلا!

قلتله عملتلك مفاجأة، ما تزعلش بدري كده وتبوظ الليلة.. 

إزازة شامبين، على الأرض، وراها شموع، جنبهم ورد أبيض، كلهم بيوصلوا للمستودع من جوه.. 
كان لازم اللفتة الرومانسية السخيفة دي عشان يصدقني ويدخل..

دخل كان فيه ترابيزة مجهزة، لفردين.. 

فخ رومانسي مثالي..

اتصل بيا تاني بس مرديتش.. 

كان لازم يقعد، ويستنى، وياخد الهدية اللي سايبهاله على الترابيزة..

حباية مفروض إنها هتسهل مهمتي، عشان يكون سهل عليا التغلب عليه..
رفض الحباية، وقالي بصوت عالي: I don't do drugs
أنا هنا عشان أعرفك، لو مش حابة ممكن أمشي، لإن الموضوع بدأ يكون سخيف.. 

خططي بتفشل.. 
بس فيه خطة من شأنها إنها تنجح..

بدأنا نتكلم من وراء حجاب..

من غير ما يشوفني، لكنه كان بيتتبع الصوت.. وبيحاول يلاقيني.. اللعبة بقت مسلية..

- متحمس إنك هتشوفني؟ 

* حقيقي.. بس مش فاهم إيه سر الغموض ده كله! 
- عشان أنا بحب كده.
* أنا حاسس إن فيه حاجة غلط
- ليه بتقول كده؟ 
* ممكن تظهري، ونبطل لعب العيال ده؟

كان واقف ورايا تماما.. 

مش فاهمة إيه اللي بيحصل! 
كنت لابسة فستان عادي.. بس برده مخبيه وشي بسكارف..

"ممكن تبصيلي؟" 

"لأ" 
"مش فاهم فيه إيه!" 
"امشي.."
"أمشي؟" 
"أيوة.. كل حاجة باظت، خلاص امشي.." 
"بس أنا عاوز أعرفك، ونقعد ونتكلم! أنا عملت حاجة غلط؟" 
"أيوة.. كل حاجة عملتها غلط.."

قرب خطوة.. بعدت، 

قالي: "أنا آسف.. بس ممكن تفهميني اللي بيحصل؟"

"خليك مكانك، وامشي.." 

"طيب أعمل أنهي واحدة فيهم؟.. على فكرة حتى لو مش حلوة، أنا عادي ممكن أشوفك برده!"

"متأكد؟" 

"أنا كنت بهزر، بس لو ده سبب إنك بتتصرفي كده، فانتي أكيد غلطانة" 
" أنا مبغلطش.. خصوصا مع الأغبيا.." 
"أغبيا؟ .. تمام.. أنا ماشي.."

سمعت صوت خطواته، وهو بيبعد، من زمان وأنا بطلت أعيط، بس الليلة دي، كان نفسي أعمل كده، مش عشان أي حاجة غير إني فشلت.. كان قدامي شخص غبي، بيهتم بالمظاهر، بس مقدرتش أعاقبه..
ما مشيش!
في لحظة لقيته قدامي، كان بيضحك عليا، حاولت أبعده عني.. بس مقدرتش.. كان قوي.. 

يبدو إني هكون الضحية الليلة دي..

***
كان ماسك إيدي الاتنين بإيديه، وبإيده التانية بيفك السكارف عن وشي.. 

كان مبتسم، ابتسامة غبية.. 
راحت لما وشي اتكشف..

ساب إيدي، وبعد عني.. 

قالي: "أنا آسف"

غريبة! 

مكانش في عينه النظرة اياها.. 
كان بيبصلي، بس مش بخوف، كان.. مشفق عليا! زعلان عشاني! 
أفسدت متعتي.. الليلة دي كنت حاسة إني بقيت الضحية..
أنا الشخص الضعيف هنا..

شتمته، ومشيت.. بس وقفني.. 

قالي لازم نكمل الـ Date لآخره..

شئ ما استوقفني، كنت.. من جوايا، حاسة بضعف، خلاني أقعد معاه، وأبص في عينه، وأنا حابة أقوله إيه اللي حصلني وخلاني كده.. 

كنت حابة أبررله.. بس هو حتى مسألش.. 
وده أربكني..
مسألش عشان مش مهتم يعرف؟ 
ولا عشان ما يجرحنيِش؟ 
ولا عشان هو ملاك، وهيقولي إني مش فارق معاه شكلي!؟

كانت ليلة غريبة، مبطلناش كلام.. 

سألته، ليه قعد معايا، قالي عشان حسيت إنك جميلة.. 
كنت هقوم وأسيبله المكان، بس مسك ايدي، وقالي.. 
أنا عمري ما قيست الجمال، بالشكل.. 
قالي: "عارفة؟ أنا الكلبة بتاعتي علمتني حاجات كتير جدا، هي جميلة وصديقة وفية.. كان عندي صديقة جميلة.. شكلا، بس كانت كلبتي دايما بتكرهها.. وبعد فترة اكتشفت إن صديقتي دي بتخوني.. جرحتني بشكل بشع.. لقيت الكلبة بتاعتي بتواسيني.. فضلت جنبي أيام بتحاول تطبطب عليا.. مش عارف بحكيلك ده ليه.. بس الجمال حاجة تتحس.. وأنا بثق في الاحساس أكتر ما بثق في عيني..."

يعني انت بتقول إني جميلة؟
- ده اللي حاسُه..
مكنتش عارفة أوصف شعوري وقتها، قلبي كان بيدوب.. وده احساس مبقتش أحبه.. 

قلتله أصبلك تاني؟ قالي أوك.. 
قمت.. معايا الإزازة، وقربت من الكرسي بتاعه، من ورا.. وطعنته في ضهره..

مكنتش حاسة بأي متعة في ده.. 

أنا انهرت.. اتكسرت.. 
أنا .. ضعفت، وحبيته! 
لما تلاقي حد بيهدد أفكارك وقناعاتك بالشكل ده، بيهدد الوحش اللي بقيته، لازم كنت أخلص منه!
البشر أغبيا.. كلهم.. 
أكيد كان بيمثل عليا.. 
كان بيكدب.

بس رغم كل تبريراتي..أنا يومها مقدرتش أبطل عياط.. 

ولأول مرة من سنين طويلة، كان عندي فضول أبص في المراية.. 
وقفت عند واجهة محل، شيلت الاسكارف، وبصيت على انعكاسي في الإزاز.. 
مكنتش بشعة!...

- حسيتي بإيه لما شفتي وشك؟ 

* حسيت إني مش جميلة، بس المرة دي، حسيت إني مش جميلة عشان روحي مش جميلة.. حسيت إن وشي، وشكلي عاديين.. بس كنت حاسة إني بشعة.. من جوايا.. 
كنت حاسة إني صورة سودا تماما..

- فيه لوحة مشهورة، في البداية لما تم عرضها محدش فهمها خالص.. 

محض سواد، لون اسود خالص.. مفيش أي حاجة تانية في اللوحة..

بعد ما سلموا الناس الموجودين عدسات.. ووجهوا الناس لزاوية معينة، كان موجود نقطة بيضا.. الناس كل حد منهم فسر النقطة البيضا دي لرمز معين حسب أفكاره.. 

بعدها اللوحة اشتهرت شوية، بس في معرض خاص، سلموا للناس عدسات أكبر، وفي وجود الضوء النقطة البيضا اللي كان بيسقط عليها الضوء، وكانت مصنوعة من مادة مختلفة غير اللوحة كلها، اتحللت زي المنشور بالظبط لألوان الطيف.. 
الفنان ساعتها اتشهر أكتر بكتير.. لإن الرمز اللي كان بيحاول يوصله، على مراحل كان بيذهل الناس في كل مرة..

* ايه اللي بتحاول تقولهولي؟ 

- في أعماقك فيه حاجة غير اللي انتي شايفاها، ومركزة عليها.. 
* ما تحاولش تلعب معايا اللعبة دي. 
- دي الحقيقة.. بس قوليلي.. الشخص اللي انتي قابلتيه، وخلاكي بشكل ما متصالحة مع شكلك، كلمك مرة تانية؟ فيه أي تواصل بينكم؟ 
* لأ.. سافر.. بس رحت أخدت الكلبة بتاعته، طلعت لطيفة فعلا زي ما حكالي.. مش بتخاف مني.. بتحبني الحقيقة.. 
- الكلاب أوفياء.. 
* أيوة.. وده خلاني أفكر بشكل مختلف.. من ناحية شغلي.. 
- مش فاهم.. 
* إنت عندك حق، في حاجات كتير، حاجات فعلا مكنتش شايفاها.. 
- يعني إيه؟ 
* أنا هسافر.. 
- فين؟ 
* مكان بعيد جدا.. مفيهوش بشر.. 
- التواصل مهم جدا في حالتنا..
* عارفة، بس.. أنا هتواصل مع حد يقدر يشوفني زي ما أنا وميكرهنيش.. 
مش قادرة أأذي حد تاني.. قلبي ضعف، وبشكل ما مش عارفة أعمل اللي كنت بعمله مرة تانية.. أنا هبعد.. هروح مكان أقدر أكون فيه زي ما أنا .. بس عاوزة أسألك سؤال..

- طبعا.. 

* إنت ليه نظرتك ليا اتغيرت؟ ليه بعد فترة مبقتش تبصلي بخوف..؟ 
- امم.. أنا آسف لو..
* جاوبني بس.. 
- التعوّد.. كبشر ممكن نعتاد حاجة، ونتأقلم معاها، وميبقاش عندنا مشكلة وياها.
* حتى لو كانت بشعة؟ 
- لا.. مش فكرة بشعة، أو حلوة.. بس زي اللوحة اللي حكيتلك عنها.. بتكتشفي حاجات جديدة، بتخليكي لسه واقفة قدام اللوحة، وتركزي عليها..

***
سيبت الدكتور، وكنت سايباله هدية، لإنه كان لطيف.. غبي زي بقية البشر، بس لطيف.. 

أخدت الكلبة في عربيتي، وانطلقت في رحلة طويلة جدا.. 
هستلم وظيفتي في بداية الأسبوع.. 
Zoo keeper.. 
هركز على النقطة البيضا في الصورة، الحيوانات مش بتضايق من شكلي.. 
يمكن أخيرا ألاقي الحب اللي هيداويني.. 
وأبطل أتلقى نظرات الرعب، والخوف، أو حتى الشفقة..

وتكون متعتي الجديدة، هي الحب الحقيقي.. اللي مش مبني على شكلي..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

Black Mirror - New written episode.

مبقاش سر