اللص الذي أحبه




رحت حفل توقيع كتابها، كنت مبسوط عشان هي بتنجح، وعشان بتوصل لأحلامها، حتى لو من غيري. اسم الكتاب أول ما عرفته القلق ملاني، معقول تكون نسيتني؟ وتكون حبت من جديد؟
أو .. تكون عارفة؟
عارفة حقيقتي!
أول ما ظهرت قدامها، ارتبكت، عينيها اتملت بالدموع، رغم إنها كانت محتفظة بقوتها.
مدت إيديها عشان تسلم عليا. ومديت إيدي..
إدتني الكتاب هدية!
وقالتلي: "بشكرك، عشان إنت سبب نجاحي ده"
مكنتش فاهم إزاي بعد ما سيبتها وجرحتها هبقى سبب في نجاحها!
إزاي بعد ما عملت كل الأمور البشعة اللي عملتها من وراها، أبقى إنسان يستحق الشكر!
أنا ماليش في القراءة.
رغم إني قابلتها لأول مرة في مكتبة، كنت مستني صديقي الحارس، واضطريت أقعد أستناه.
ظهرت هي وهي بتتنقل بين الرفوف، كانت لابسة فستان أحمر منقط بأبيض، ورابطة شعرها بشريط أبيض، وحاطة روج أحمر قوي، وفي إيديها ساعة دقيقة، لونها بني.
شعرها كان إسود غامق، وبيلمع، وعينيها زرقا، كانت بتضحك للكتب!
كانت رقيقة، وبتتحرك زي الفراشة..
كانت قادرة تستحوز على قلبي كله، من أول مرة شوفتها فيها.
وأنا كان لازم أمشي حالا، لإن شغلي كله متوقف على التوقيت المناسب.
التوقيت اللي ثواني فيه بتفرق، وممكن تحدد نجاحه من فشله.
خرجت مع صديقي، وهي مخرجتش من بالي، دي مش أول مرة أخرج فيها للشغل. بس كنت متوتر زيادة عن اللزوم، إيدي كانت بترتعش.
حاولت أركز لحد أخر لحظة، والليلة عدت على خير.
أنا واصحابي تاني يوم خرجنا نحتفل، كالعادة بنتجمع في أي مكان مناسب، بنشرب لحد ما عقلنا يسافر، ونكافئ نفسنا على النجاح اللي حققناه.
وزي الأفلام اللي فيها الصدف بين البطل والبطلة مش بتنتهي، قابلتها مرة تانية.
كنت مستغرب إني أقابلها في مكان زي ده.
وكان احساسي في محله.
أول ما شوفتها بطلت شرب، وفضلت مركز معاها، كانت مع شخص تاني.
تقريبا حبيبها، كانت متضايقة، وهو كان سكران بزيادة، كان باين عليه إنه غني، ساعته، وجزمته، وماركة قميصه، حاجات سهل تقولك ده.
بدأت مشادة ما بينهم، بدأ يزعق فيها، وهي كانت بتعيط.. خلعت خاتم كان في إيديها، ودلوقتي عرفت إني كنت غلطان، ده مش حبيبها، ده كان خطيبها..
رماته في وشه، وخرجت.
وهو كمل رقص، وشرب، بس أنا خرجت وراها.
أنا واصحابي عندنا مبدأ صارم، الحب هيخلينا نقع، ونخسر.
كل واحد كان عنده صاحبة، بس مش بيحبها.
أنا كنت بحب المغامرة، كنت بدور على الحب، ومش بلاقيه!
مكانش سهل إني أروح دلوقتي وأكلمها..
رغم إن كل حاجة فيا كانت بتدفعني تجاهها.
فضلت ماشي وراها.. كانت الدنيا برد، وضلمة.
خرجت وفضلت تتفقد شنطتها، وبعدين وقفت باستسلام تعيط، بعدها عدلت هدومها، وضمت ايديها قدامها من البرد.
ومشيت.. حافظت على مسافة بيني وبينها.
مكانتش ملاحظة وجودي.. في نص الطريق، خلعت الكعب اللي كانت لابساه.
وكملت مشي من غيره.
مكنتش قادر أقرب منها.. ولا أعمل حاجة غبية زي مساعدتها.
الطريق كان طويل، وكان يخوّف.. بالنسبة ليها كان يخوّف.. بس أنا كنت وراها.
وقفت عند عمارة وخرجت مفاتيح من الشنطة، استخبيت ورا بناية قريبة، وهي بصت حواليها.. دخلت وقفلت وراها..
عديت الطريق ووقفت قدام العمارة بتاعتها، فضلت مستني قدامها، لحد ما شغلت النور في الدور التالت.
دلوقتي عرفت بيتها.
كملت طريقي للبيت، وكنت مبسوط.. دلوقتي ممكن أبدأ أتعرف عليها.
من غير ما أقابلها. أو أجازف بإنها تعرفني.
بدأت أبعتلها ورد كل يوم، ونفس الشخص اللي بيوصلها الورد، كان بيصورلي رد فعلها.
ضحكتها، مفاجئتها.
كانت السر الأجمل في حياتي اللي مليانة أسرار بشعة.
مكنتش بحط أي كارت أو ببعت كلام مع الورد.
لحد ما حسيت إنها ممكن تبدأ تزهق.
وفكرت في الحاجة اللي هي مش بتزهق منها، الحاجة اللي خلتني أعشق ضحكتها من البداية.
الكتب..
بدأت أبعتلها كتب نادرة على عنوانها.
والمرة دي، بعت معاهم رقم تليفون.
رقم تليفون مش متسجل باسم حد. غير رقمي الأصلي.
فضلت 3 أيام مستني، وقررت ما أبعتش حاجة تانية ليها، لحد ما أتأكد من حاجة.
كنت عاوز أتأكد لو فيه أمل!
كنت عاوز أحس إنها بشكل ما، نفسها تعرفني، وعندها فضول تجاهي.
وأول مكالمة منها، كانت أول غلطة أرتكبها في حياتي المهنية.
هوسي، وانتظاري إنها تتكلم، خلوني أرتكب غلطة فادحة،
ما ينفعش تسيب جرس تليفونك شغال، وإنت رايح تسرق!
****
لحسن الحظ، العملية دي عدت على خير، ورغم التوبيخ اللي تلقيته من زمايلي، إلا إني كنت حاسس بسعادة منقطعة النظير.
عقلي كان بيقولي إن مبدأنا صح 100%
وإن الحب فعلا هيخليني أخسر.
وكانت من بوادره اللي حصل معايا النهاردة.
بس أنا كنت مبسوط، أنا ممكن أسرق أي حاجة، بس المرة دي، مكنتش عاوز غير قلبها.
كان نفسي تحبني، بأي تمن.
حتى من غير ما تشوفني.
دلووقتي بقى معايا رقم تليفونها.
اترددت كتير قبل ما أكلمها. وهي ما اتصلتش مرة تانية.
بس على الأقل كنت عارف إنها نفسها تعرفني.
رجعت أبعتلها ورد، وكتب. وكنت كل مرة ببعت فيها حاجة ليها، بحصل على صورة ليها وهي بتضحك.
كانت بترجعلي الهدية من غير ما تحس لما تضحك.
بس رد فعلها بقى يتغير مع الوقت.
مبقتش تضحك، مبقتش تنبسط لما تتلقى هدية من مجهول، بقت حتى ترمي الهدية!
ساعتها كان لازم أتصل بيها.
كلمتها..
وفضلنا ساكتين احنا الاتنين فترة.
لحد ما هي بدأت تتكلم..
- أنا كنت مفكرة إن خطيبي... السابق.. هو اللي بيبعتلي الورد في الأول، بس هو مش بيهتم باللي بحبه.
ولما بعتلي كتب، اتأكدت انك حد تاني.
اللعبة دي حلوة، في الأول بس.
شخص مجهول، مهتم، بيبعت هدايا جميلة، بيفرحني من غير مقابل. كل بنت بتتمنى ده.
بس.. أنا.. أنا تعبت.
بتخيل ملامحك، ومش قادرة برده أتخيلك!
حاسة، حاسة إني بحبك، بس أنا حتى مش عارفاك!
مش عارفة نبرة صوتك، شكلك، مش عارفة اسمك.. ده شئ ظالم!
ما ينفعش أحب شبح!
ما ينفعش أكون مرتبطة بشخص، مش موجود.. ما أقدرش ألمسه، أو أبص في عينيه.
إنت .. سامعني؟
كنت بسمع، وبأبكي.. البنت دي هي كل اللي أنا عاوزه!
لأول مرة حسيت بتقل على لساني، مكنتش قادر أرد عليها، كنت حاسس إني عاوز أقولها كل حاجة حاسس بيها، من أول ما شفتها.
بس مكنتش قادر أنطق.
ردت مرة تانية بيأس عليا وقالت:
- أنا آسفة، كل الحاجات الجميلة اللي بتعملها عشاني، مش كفاية.. أنا مش هقدر أستقبل هدية تانية منك، ومش هقدر أستناك تظهر وتبقى موجود في حياتي.
قفلت الخط..
وأنا بكيت وحسيت بالغضب.
عشان مش قادر أكون معاها، مش قادر أبقى جنبها زي أي حد طبيعي ما ممكن يبقى جنب اللي بيحبه.
أنا عارف إني لو بقيت جنبها هعرضها للخطر، وهعرض نفسي للخطر.
أنا وزمايلي، الخارج من بينا مقتول.
محدش هيخرج من جماعتنا إلا لما يدفع التمن.
وهم مكانوش يقدروا يستغنوا عني.
من غيري مفيش عملية هتتم.
كان لازم أفاضل بينهم، وبينها..
وفي الحالتين كان لازم هخسر.. والخسارة هتكون عظيمة.
بس أنا اخترتها هي.
تاني يوم، بعتلها رسالة، فيها عنوان.. وطلبت منها تقابلني هناك.
ردت عليا برسالة وقالت: "هعرفك إزاي؟"
قلتلها: "أنا عارفك"
ردت برسالة تانية: "مش هقدر آجي"
ساعتها بعتلها وقلتلها، هستناكي على كل حال.
رحت واستنيتها، فضلت مستني ساعة بعد الميعاد.. لحد ما أخيرا جات.
بس مكانتش هي الوحيدة اللي جات.
اصحابي كانوا عارفين.
ظهروا، ومنعوني إني أقابلها..
مقدرتش أقرب منها، ولا أكلمها.. وكنت حاسس إني خلاص هخسرها للأبد.
******
في شغلنا، مينفعش نثق في بعض، الثقة شئ قاتل.
ولازم كل واحد يحفر مكانه، وأنا لو مكنتش عملت كده، كانوا هيرموني طعم، ويستغنوا عني في أقرب فرصة.
لما إيدك ينتشر فيها مرض خبيث لازم تقطعها، عشان ما تضرش الباقي.
وهم كانوا شايفين إن الحب مرض خبيث، وإني كنت الإيد اللي لازم تتقطع.
أنا أقدم واحد فيهم. أنا أكتر واحد محافظ على الجماعة دي، وعلى تماسكها.
بس بعد اللي عملوه معايا، كان لازم أرجع أوريلهم مين المسيطر، ومين صاحب القرار.
قطعت كل اتصالاتي بيها، ومبقتش أبعت أي حاجة ليها، حفاظا على حياتها. اللي كانت مهددة بسببي.
وبدأت أخطط للعملية الجديدة. عشان تكسر عين حد، لازم يبقى ليك فضل عليه. وعشان يبقى ليك فضل عليه، لازم يكون في مشكلة أو مصيبة..
ولو مكانش فيه مشكلة أو مصيبة، لازم تخلقها.
ده اللي أنا عملته مع زمايلي..
بدأت أبعت رسايل تهديدية لكل واحد فيهم، بما فيهم أنا.
زي ما قلتلكم، في شغلنا الثقة شئ قاتل. ولإني مكنتش بثق في حد، كنت دايما واخد احتياطاتي. كنت بسجل كل حركة وكل كلمة لكل واحد فيهم.
السر اللي كان بين اتنين منهم، كنت أنا التالت اللي عارفه.
استخدمت ده في زرع الشك بينهم.. كل واحد بقى يشك في التاني، وأنا كنت بلعب دوري تمام زي ما مفروض يكون.
أنا اللي كنت بفكر، وبحاول أكشف الشخص الخاين، الشخص اللي بيحاول يفرقنا، ويكشفنا.
الشخص اللي حاول يسممني في يوم عملية مهمة جدا..
دخلت المستشفى. وزمايلي كملوا من غيري..
ولما كملوا كان فيه شخص مجهول بيصورهم.
وبعد نجاح العملية بدأ يبتزهم، وطلع الصور دي.
كانوا مستحيل يشكوا فيا، لإني كنت بين الحياة والموت... لازم تهربوا، ده اللي أقنعتهم بيه.. أقنعتهم يوقفوا الشغل لفترة، ويغادروا البلد لحد ما كل حاجة تهدأ.
عملية الهروب كانت صعبة، وتكاد تكون مستحيلة، ده اللي فهمته لهم، لإن الشخص "المجهول" كان قدم بلاغ بالعملية اللي قاموا بيها. العملية اللي وقتها كنت أنا مريض، وبين الحياة والموت.
الخوف مكانش مدي فرصة لحد فيهم يفكر صح، أو يشكك في كلامي.
الخوف بيعمي.
ظبطت أوراق سفرهم، وفهمتهم إني هحصلهم.
بس لازم عين الجماعة تفضل هنا، وتعرف التطورات اللي هتحصل.
محدش فيهم كان عارف التاني مسافر فين.
كانت وسيلة الإتصال الوحيدة بينهم وبين بعض هي أنا.
أنا كنت خايف، كنت مرعوب.
لو حد عمل فيا اللي أنا عملته معاهم، كنت هقتله.
لو حد كان سبب في وقف شغلنا، اللي مش بنشبع منه، عشان خاطر بنت. كنا صفيناه.
بس هي كانت مختلفة.. أو ده اللي كنت عاوز أشوفه.
كانت زي النهر الطاهر اللي لو شربت منه، كل ذنوبي وخطايايّ هتنمحي.
أنا أكبر واحد فيهم.
وعندي اللي يكفيني.. عندي كل حاجة أحلم بيها، بس كان ناقصني حبها.
بعد ما كل واحد منهم سافر، ومحصلش أي مشاكل.. حضرت شنطتي، مكان تجمعنا، شلت منه كل حاجة تخصني، حتى بصماتي.
شقتي السرية، تخلصت منها، جددت هويتي الحقيقية، اللي كنت خافيها عن كل الناس، واللي عمر ما حد عرفني بيها.
مكانش فاضل غير إني أسافر وأبعد..
عشان أبدأ حياة جديدة.
كنت ناوي أبعد عنها، لإنها تستحق شخص أفضل.
كنت بحبها ومعنديش شك في ده..
وكان حبها ده كفاية، حتى لو هي مش هتبقى معايا.
وأنا مستني في المطار ميعاد طيارتي، مقدرتش أقاوم أسمع صوتها لمرة أخيرة.
فتحت الموبايل اللي مكنش حد يعرف رقمه غيرها.
اتفاجئت بكمية الرسايل الصوتية اللي موجودة عليه.
"أنا جيت، بس ............."
"فات أسبوع، مفيش خبر عنك.."
"دي آخر مرة هتسمع فيها عني.. أنا مش عارفة أنا ليه بعمل في نفسي كده.. ليه بـ ..."
"مش قادرة أتخطى الموضوع! .. إنت .. كويس؟"
"ليه عملت كل ده!"
"عدم ردك عليا، يُعتبر رد في حد ذاته."
"أنا بس اتصلت أقولك.. مع السلامة."
......
عيني دمعت لما سمعت صوتها، مكنتش متخيل إنها ممكن تكلمني مرة تانية، بعد لما اتفقت معاها على الميعاد وما قابلتهاش..
كانوا بينادوا على الطيارة بتاعتي..
مش مهم..
اتصلت عليها..
أول مرة مردتش
اتصلت تاني..
فتحت بعد أول رنة..
- ألو..!
* ممكن نتقابل..
- إنت.. إنت بجد! .. إنت بتتكلم.. إنت حقيقي.. أنا مش مجنونة!
* أنا آسف.. مقدرتش نتـ
- موافقة.
* موافقة؟
- موافقة نتقابل.
* إنتي فين؟
- في مكتبة، أنا في مكتبة..
* عنوانها إيه؟
- أه.. أه صح.. هبعتلك العنوان. هتيجي صح؟
* أوعدك..
*****
المكان اللي قابلتها فيه لأول مرة.. نفس المكتبة.
اتقابلنا فيه المرة دي.. كانت كإنها المرة الأولى.
كانت بالصدفة لابسة نفس الفستان!
رابطة شعرها بنفس الطريقة، بتضحك نفس الضحكة، لدرجة إني حسيت إن فيه فجوة زمنية حصل فيها كل اللي حصل، وإني لسه حالا شايفها، ولسه حالا قلبي بيرق ليها.
كنت متردد كالعادة،
قعدت على ترابيزة قدام اللي كانت هي قاعدة عليها، كانت متوترة.
بتقلب في صفحات الكتاب اللي قدامها من غير ما تقرأ حاجة منهم.
كنت حاسس إني محتاج سنة كاملة عشان يبقى عندي الشجاعة أقوم، وأروحلها..
عينها جات في عيني كذا مرة.. بس كانت بتبعدها فورا..
كانت مثبتة نظرها على الباب، وشوية تبص في ساعتها البني اللي في إيديها..
صوابعها بتطرق على الترابيزة من التوتر..
لحد ما حطت إيديها على وشها، وخبت عينيها..
فضلت مغمضة عينيها.. وسحبت الشنطة بتاعتها من على الكرسي اللي كانت قاعدة عليه.
شالت الجاكت الصوف الأسود من على الكرسي.. وحطته على دراعها..
كانت بتمشي باستسلام ويأس.
ملامحها كانت جامدة.
مكانتش بتعبر عن أي حاجة.
مش قادر أفتكر إزاي قمت من مكاني لا اراديا، ورحت لحد عندها، شديت دراعها، وبصتلي.. كنت زي الغريق، بلتقط أنفاسي ساعة ما وقفتها وبصتلي في عيني..
كنت زي الغريق.. وهي بنظرتها، حسستني إن فيه أمل..
ضحكت.. وقلتلها: أنا جيت..
ضحكت، ودمعت في نفس الوقت.
حطت إيديها على وشي.. وشدتني ليها وحضنتني..
كل اللي عملته.. كل اللي حصل.. كل تضحياتي.. كانت اللحظة دي تستاهل كل ده. اللحظة دي كانت عندي بداية الحياة..
يومها اتمشينا كتير، كانت بتناديني بإسمي.. مكنتش سمعته من زمان.. بقالي 15 سنة ما سمعتوش..
كنت معاها حقيقي.. رغم كل الأسرار اللي مخبيها.
قررت أقنع نفسي إني أستحق.. أستحق حياة نضيفة.. أستحق الحب، أستحقها..
كانت دايما تقولي إنها سعيدة بسببي، وهي متعرفش تأثيرها عليا كان إزاي.
كنت مضطر أكدب وأنا بجاوب كل سؤال سألته ليا..
ليه ما ظهرتش من أول مرة؟
ليه ما جتش يوم ما اتفقنا نتقابل؟
ليه ما عندكش اصحاب؟
ليه كنت هتسافر؟
كانت بتصدق أي حاجة بقولها، وده كان بيقتلني من جوه.
وفجأة الحلم الوردي بدأ يقلب إسود..
كانت بتجهز أول كتاب ليها، كنت بشجعها ومتحمس.. كنت محضر ليها مفاجأة اشتريت خاتم الزواج، وكنت هطلب منها نتجوز..
وللمرة التانية، عرفت إن مبدأنا كان صحيح 100%
فضلت في نفس المدينة، ورغم إني غيرت اسمي، بس هم كانوا عارفينها..
الحب بيخلينا نقع.. ونخسر..
جالنا طرد فيه ورد وبرقية.
البرقية كانت تهنئة على الكتاب اللي هي بتكتبه..
كان مكتوب اسمها هي، وكنيتي..
والإمضا كانت "أصدقاءك الأوفياء"
هي مكانتش فاهمة ليه غضبت، واتأثرت لما استقبلنا التهنئة دي..
ومكانتش فاهمة مين هم أصدقائي..
وليه كتبوا كنيتي بعد اسمها..
كانوا عارفين إني هطلب منها الجواز.. كانوا عارفين مكاني.. وعارفين اسمي..
واحتمال يكونوا عرفوا اللي عملته فيهم!
أسئلتها في الليلة دي مكانش ليها نهاية.. مكنتش قادر أبطل كذب عليها عشان أتفادى كل المفاجئات والصدمات اللي ممكن تتعرضلها.
قلتلها إني حسيت بالغضب لإني كنت محضرلها مفاجأة..
خرجت الخاتم من جيب الجاكت اللي كنت لابسه، فتحته، وبصتلها..
كانت متفاجئة..
كان بتضحك..
أنقذت الليلة...
قالتلي: موافقة تتجوزني، ولبست الخاتم.
بدأت أحضر اجراءات السفر، ليا وليها..
وطلبت منها تأجل نزول كتابها..
وافقت من غير تردد..
وده كان بيبعث في نفسي الحزن، كانت بتحبني بدون شروط، كانت بتحبني أكتر من أي حاجة تانية..
أو الأصح إنها كانت بتحب الصورة اللي أنا رسمتها وخليتها مثالية.
كنت عارف انها مش هتعترض على السفر خصوصا لما يكون كإنه مفاجأة أو هدية، قبل جوازنا.
كنت بنقذ حبنا.. وكنت بنقذها منهم.. وبنقذ نفسي، من خطر محتمل..
فاجئتها في اليوم ده، ولما الطيارة أقلعت، كنت في غاية السعادة..
اللي هي مكانتش عارفاه، إني مكنتش ناوي أرجع تاني للمدينة.. وكانت تذكرتي ذهاب من غير عودة...
كنت بهرب.. ومكانش قدامي غير إني آخدها معايا.
حفيه حاجة اسمها "الأمان الكاذب"
اللحظة اللي وأنا بحكيلك فيها القصة، بتحس إن كل شئ على ما يُرام.
كل حاجة تمام، مفيش خطر بيعترض الأشخاص اللي بتحبهم في القصة.
كل المشاكل إتحلت..
بعد النقطة دي، كل الأحداث بتتقلب رأسا على عقب.
كل الأمان بينهار.. كل المشاكل بتشتعل..
وده اللي حصل لما جاتلي برقية وأنا على الطيارة مع المضيفة.. مكتوب فيها
"نتمنى لك رحلة سعيدة." - أصدقاءك المخلصين.
سألتها مين اللي بعتها.. شاورتلي قدام.. كانوا معايا.. على نفس الطيارة..
لحسن الحظ إنها كانت نايمة..
محستش بحاجة..
محستش باللي بيحصلي والغضب والخوف اللي ملوني.
كل ما كانت بتبقى قريبة مني كنت بغلط..
كنت بقع..
وبخسر..
مكنتش خايف أخسر حاجة غيرها..
كل ما هبقى قريب منها، كل ما هخسرها..
بعد الرحلة، استقرينا في فندق كبير وراقي..
كانت مبسوطة جدا بيه، وكانت تعبانة من الرحلة، قررت تنام..
وانا خرجت أشوفهم.. كنت عارف انهم هيلاقوني..
خرجت وزي ما توقعت.. لقيتهم..
مكانوش يعرفوا حاجة عن اللي عملته معاهم.. كانوا عاوزيني أشترك معاهم في عملية جديدة.
وهتكون أخر عملية بيننا..
ارتحت لما عرفت انهم لسه بيثقوا فيا..
وإن تهديدهم مجرد ضغط عليا عشان أبقى معاهم في أخر عملية.
وافقت..
بس مكنتش مستريح! مقالوليش على ميعاد العملية! .. لأول مرة!
رجعتلها وفضلت جنبها، وطلبت منها اننا نقدم فرحنا ونعمله هنا.. بعد يومين..
وافقت من غير تفكير كتير..
كانت بتثق فيا.
حضرت كل التجهيزات، فستانها، بدلتي.. المكان، كل حاجة..
وجه اليوم..
أسعد يوم في حياتي.. أسعد يوم في حياتها..
بين الشئ ونقيضه مسافة صغيرة.. سهل جدا أسعد يوم يتحول لأتعس يوم، سهل يسرقوا فرحتنا، وده اللي عملوه.
في اليوم ده وأنا بجهز نفسي..
وهي بتجهز نفسها في غرفة تانية منفصلة..
اصحابي عملولي زيارة -مش لطيفة-
قالولي إن العملية النهاردة، كان ساعتين..
نوبة الغضب بدأت.. بس كانوا بيضغطوا عليا بيها..
هددوني انهم يقتلوها..
وخيروني بين إني أفضل مع جثتها، أو أسيبها وأروح معاهم..
دماغي كانت في حالة شلل..
كنت في قمة غضبي.. والمرة دي اخترتهم. .
المرة دي كنت بختارها، بإني ما أختارهاش. بإني ما أخسرهاش.
رحت معاهم..
خرجت، وكنت شايفها وهي نازلة..
كانت جميلة في الفستان.. ضحكتها جميلة..
كنت بأبكي، عشان عارف إنها المرة دي مش ممكن تسامحني.
لإني هكسرها..
مش هقدر أقولها في اليوم ده أنا مشيت ليه..
مش هقدر أكدب عليها كالعادة، وأبررلها.
عمرها ما هتعرف.
.......
من أسبوع.. كانت فاتت سنة كاملة، كنت بفضل أراقبها من بعيد..
العملية اللي كانوا بيقولوا انها هتكون الأخيرة..
كانت فخ ليا، مش قلتلكم الحب بيوقع!
عملوا فيا زي ما عملت فيهم.. الثقة مالهاش مكان بيننا.
بقينا نشتغل مع بعض مجبرين.. .
كل واحد ماسك على التاني دليل.. ولو وقعنا هنقع كلنا..
فكان لازم نفضل زي ما إحنا..
عرفت إنها هتحتفل بأول كتاب ليها.. مكنتش متأكد لو ينفع أظهر قدامها دلوقتي!
مكنتش هقدر أقولها أي حاجة!
بس رحت..
رحت حفل توقيع كتابها، كنت مبسوط عشان هي بتنجح، وعشان بتوصل لأحلامها، حتى لو من غيري. اسم الكتاب أول ما عرفته القلق ملاني، معقول تكون نسيتني؟ وتكون حبت من جديد؟
أو .. تكون عارفة؟
عارفة حقيقتي!
أول ما ظهرت قدامها، ارتبكت، عينيها اتملت بالدموع، رغم إنها كانت محتفظة بقوتها.
مدت إيديها عشان تسلم عليا. ومديت إيدي..
إدتني الكتاب هدية!
وقالتلي: "بشكرك، عشان إنت سبب نجاحي ده"
مكنتش فاهم إزاي بعد ما سيبتها وجرحتها هبقى سبب في نجاحها!
إزاي بعد ما عملت كل الأمور البشعة اللي عملتها من وراها، أبقى إنسان يستحق الشكر!
روحت بعد ما وعدتها إني أكلمها.. وبعد ما شفت شخص تاني بيقرب منها وبيعتذر ليها عن تأخيره، كان بيبوسها وبتضحكله، زي ما كانت بتضحكلي تمام.. عرفت إنها حبت تاني..
كنت مبسوط عشانها من غير حقد.. على الأقل لقت حد يحبها وما يخذلهاش.
كتابها "اللص الذي أحبه"
رواية بتبدأ من النهاية.. من يوم فرحنا..
من بنت عريسها بيتأخر، بتفضل مستنية.. لوحدها، في بلد غريب، وسط ناس غريبة، والشخص الوحيد اللي تعرفه، ما بيجيش.. الشخص الوحيد اللي حبته.. مش هييجي.. أسعد يوم في حياتها بيتقلب لكابوس..
دي مش أول مرة يسيبها، ويتأخر عن ميعاده.. بس كانت أخر مرة..
بتقرر تسافر وترجع بلدها.. لوحدها.
بتروح الأوضة بتاعته، بتودع حاجاته لأخر مرة..
بتشم ريحته في هدومه.. .
وبالصدفة بتلاقي كتاب غريب.. بتلاقي مذكراته..
اعترافاته بخط إيده..
كل حاجة عملها.. كل حاجة حصلت..
كل الأسئلة اللي كدبت فيها عليها دلوقتي عرفت إجابتها.. عرفت إمتى أول مرة شوفتها وحسيت بإيه وقتها..
عرفت كل حاجة عملتها عشانها..
.. دلوقتي عرفت كانت تقصد إيه بإني سبب نجاحها!!
أنا كنت بطل قصتها..

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

Black Mirror - New written episode.

مبقاش سر