بين الحياة والموت (الحرمان الحسي)



وأنا صغيرة، حلمت إني كسرت دراعي.. 
لما صحيت، دراعي كان بيوجعني بطريقة لا تُحتمل.. 
من وقتها بقيت مقتنعة إن الأحلام دي.. مش مجرد مشاهد عقلي بيصنعها، وبيعرضها وأنا نايمة.. 
مُصطلح أرض الأحلام بالنسبالي. كان مُصطلح حرفي.. غير مجازي.. حقيقي.. 
لإن اللي كان بيحصلّي ما يفسروش غير إني أول ما بنام.. وأصحى.. بكون صحيت في مكان تاني.. 
بكون موجودة في بُعد حقيقي.. ملموس.. و مادي. 
أي حد بيحب يسند كل اللي بيحصل للعلم.. هيعتبر اللي بقوله تخاريف. 
لكن فيه حاجات كتير العلم لسه مفسرهاش.. فيه حاجات العلم عاجز انه يفسرها.. 
زي "أنا بروح فين.. وبعمل ايه أول ما بغمض عيني وأنام!؟" 
النهاردة.. الذكرى السادسة.. 
سألني صديقي بالمراسلة جيري: لإيه؟ 
قلت له: لأسوأ حاجة حصلتلي في حياتي.. للكابوس اللي ملاحقني..

من 6 سنين.. يوم عيد ميلادي.. 
نمت، غمضت عيني.. وشفتني واقفة عيني لونها أبيض تماما.. ماسكة في ايدي شمعة عيد ميلادي الـ 17.. 
عيلتي كلها أبويا وأمي وأختي الصغيرة، واقفين قصادي.. 
بتقع الشمعة دي مني على الأرض.. وفجأة نار كبيرة بتمسك فيهم.. 
مبقدرش أقرب منهم.. مبقدرش أنقذ حد فيهم.. مبقدرش أتحرك من مكاني وأنا شايفاهم بيموتوا قدام عيني.. 
كان ممكن أتعايش مع حاجة زي دي، لو أول ما صحيت لقيت نفسي في سريري.. 
ولقيتهم كويسين، وعايشين.. وإن ده كان مجرد كابوس! 
بس أنا صحيت لقيت نفسي في الجنينة الخلفية للبيت.. 
للبيت اللي إتحول لكتلة فحم كبيرة.. وجواه عيلتي.. 
المطافي بتحاول تسيطر على الوضع.. اتنين مسعفين جنبي.. 
وجثث أهلي طالعة من البيت.. تماما زي ما شفتهم.. في الحلم..

كل سنة.. في عيد ميلادي.. بشوف نفس الكابوس.. 
أنا عملت كده فعلا؟ 
كل عيد ميلاد ليا بقضيه مع دكتوري النفسي وبسأله نفس السؤال! ومش بيلاقي اجابة.. لإنه مش مقتنع باللي بحكيه.. 
"بتمشي وانتي نايمة!" 
"مجرد قدرة على الاستبصار" 
"صدفة بحتة" 
"انتي اللي عملتي كده بالفعل" 
"دوري على حد يفسرلك أحلامك"

تفسير أحلام إيه! .. أنا عاوزة حد يفسرلي الواقع.. 
جيري لما حكيتله عن حكايتي الغريبة مع الأحلام.. صدقني.. 
مقالش تعليق من تعليقات الناس اللي حكتلهم.. 
بالعكس.. كان مصدق إن فيه حاجات غريبة ممكن تحصل.. وإن العالم مش بسيط وسطحي زي ما احنا فاكرين.. 
وإن فيه دارسين كتير في بلده يقدروا يساعدوني.. ويشخصوا حالتي بالظبط.. 
وعشان كده قررت أسافر.. 
قررت أعرف ايه اللي بيحصل معايا..

***
كنت قلقانة طول الوقت، السفر متعب جدا، ونفسي لو أرتاح أو أنام.. بس خايفة أنام، وأحلم.. 
في الحقيقة كل اللي بفكر فيه هو إيه اللي هيقابلني في الرحلة دي! 
فاكرة أول مرة اتكلمت فيها مع جيري، كنت لسه بدوّر على تفسير لحالتي، واللي بيحصل معايا.. كان موجود في نادي قراء على الانترنت، وانضميت للنادي ده.. كان بيحب كل حاجة غريبة، وبيحب يقرا عن كل حاجة غامضة ومش مفهومة.. 
في البداية أنا كنت بتبع منهج معين في البحث، أي حاجة ممكن العلم يفسرها أو تخضع ليه، كان سهل إني أتبناها، وأؤمن بيها.. بس هو غيّر نظرتي تماما.. 
على لسانه: "العلم هو اكتشاف تفسير لحاجة مكانش ليها تفسير قبل كده، بس كانت موجودة قبل كده.." 
قالي كون إن فيه حاجات مش شايفاها لا يعني إنها مش موجودة.. وقالي جملة مخيفة! 
قالي في الظلام فيه حاجات أكتر من اللي ممكن نتوقعها..

في اليوم ده، رحت أوضتي، وحاولت أنام.. كان الضوء اللي داخل من الصالة، مسلط على المسافة اللي بين السرير وبين الكنبة اللي جنب الحيطة بالظبط.. 
الكنبة كانت مختفية تماما في الظلام.. 
افتكرت كلام جيري.. وساعتها وأنا بتقلب، ببص على المكان المظلم ده، حسيت إن فيه حاجة موجودة فيه! ... حسيت إن فيه حد! 
فتحت النور بسرعة، مكانش فيه غير الكنبة.. 
بس مقدرتش أطفيه يومها، لإن أيا كان اللي شفته، أو تخيلته فهو بيحب يكون مش متشاف!

****
الطيارة وصلت، قدرت أنام شوية في الطريق، لكن مكانش نوم عميق.. 
جيري كان مستنيني في صالة الوصول وفي إيده لافتة مكتوب عليها "فتاة أحلامي.." أنا وجيري مفيش بيننا أي حاجة، بس دي كانت الكلمة اللي بيقولهالي، لما عرف حكايتي.. كان نفسه يكون عنده القدرة، أو (الهبة) اللي عندي زي ما سماها.. 
كان نفسه أحلامه تتحقق زي ما أحلامي بتتحقق.. أراهن إن أحلامه كلها جميلة! عشان كده مش خايف إنها تتحقق.. 
ساعتها قالي، بتمنى تكوني فتاة أحلامي.. البنت اللي أحلامي بتتحقق عن طريقها! ومن يومها وهو بيقولي كده.. 
كان أوسم من الصور بتاعته، وكان أطول في الحقيقة.. 
يبدو إن هو كمان منامش عشان يقدر ييجي ويستقبلني..

مديت إيدي عشان أسلم عليه، قالي: إيه ده! وجه حاضني.. 
زقيته بعيد.. استغرب، والناس ركزت معانا.. 
قالي بتردد: أنا آسف! أنا معرفش إنك هتضايقي.. 
قلتله: أنا اللي آسفة، بس.. متعودتش حد يقرب مني كده!

كنت بكذب.. اللي خوفني، هو حلم من أحلامي.. حلم خلى قلبي يشتعل كما لو كان جحيم.. 
دايما بحلم بشخص من غير ملامح، واقف في مكان بعيد عني، وأنا بجري ناحيته، بجري وخايفة، وبهرب من حاجة.. وأخيرا بشوف.. وبقرب منه وبحضنه.. بحس بسلام، لحد ما الشخص ده بيشتعل.. بنتحرق.. سوا.. لحد ما نصبح رماد..

في اللحظة اللي جيري حضني فيها، حسيت إن هو ده الشخص اللي في أحلامي.. 
أنا مش هقدر أخسر الشخص الوحيد اللي عارفني، وفاضللي في الحياة.. 
مش هقدر أكون سبب إني أأذيه.. مش هعمل كده في جيري..

رغم إنه طول الطريق كان بيحاول يتكلم في أي حاجة تانية تنسينا الموقف اللي حصل، كنت قادرة أحس إنه متضايق، ومُحرج.. 
كان نفسي أشرحله السبب، بس ده كان هيدفعه تجاهي أكتر.. بدافع حمايتي..

*** 
يوم الوصول ارتحت في فندق، 3 نجوم، كان قريب من بيت جيري.. 
وصلني وسابلي كل معلومات التواصل اللي ممكن أحتاجها سواء ليه، أو لقريبه في الفندق.. في حال الطوارئ.. 
ارتحت، ونمت نوم عميق، ولأول مرة من غير أحلام.. عشان كده كنت أتمنى أفضل نايمة، من زمان ما نمتش براحة كده..

الصبح جيري كان مستنيني في الريسيبشن، المرة دي، مد إيده، وسلمت عليه.. 
وابتسم.. كان معاه هدية ليا.. كان عنده هواية جمع الأحجار اللي شكلها مختلف، من كل مكان سافرله، وراحه.. عملي سلسلة، وفيها حجر أصفر.. كان شفاف وشكله مميز جدا، الأصفر كمان كان لوني المًفضل.. 
فطرنا سوا، وبعد الفطار ركبنا عربيته، وقالي إننا هنروح للمكان اللي هنلاقي فيه كل إجابة على أسئلتنا.. 
كنت مُحبطة لدرجة إني مكنتش مؤمنة إننا هنلاقي أي اجابات.. وكنت مستنية جملة: "للاسف اللي بتقوليه ده مالوش تفسير"

بس الحقيقة، إن المكان اللي رحناه، والست اللي قابلناها.. كانوا أغرب من حالتي نفسها.. 
لأول مرة، بتأكد إن العالم فيه حاجات كتير مجهولة، وبعيدة عن عيون الناس.. حاجات لسه ما اتكشفش عنها الغطا.. ومحدش عرفها..

***
كان فيه ناس من كل مكان في العالم، جنسيات مختلفة، وباين على وشوشهم، إن كل واحد فيهم زيي.. حالة غير مفهومة.. وعشان كده لجأ للمكان ده.. 
كان أشبه بمدرسة.. 
والجزء الوحيد اللي توقعته، وطلع صح، كان وجود معلمين ومدربين لليوجا والفنون القتالية.. ومساحات واسعة للتأمل.. 
جيري قرا أفكاري.. 
قالي يمكن الموضوع مُتوقع.. بس صدقيني.. هم مش بيدربوا أجسامهم.. 
سألته يعني إيه؟ 
قالي هتعرفي.. 
دخلنا، وقعدنا مستنيين الشخص اللي هنقابله.. كان ست في أواخر الأربعين أو أوائل الخمسينات على ما أعتقد.. 
رغم كده مكانش وشها فيه تجاعيد، أسيوية، وجسمها مثالي.. ويبدو من ايديها اللي كانت مكشوفه لآخرها إنها رياضية. بس الأغرب على الاطلاق فيها كانوا عينيها.. 
عينيها كانوا واسعين، من نوع العيون اللي تقدر تقراهم بسهولة.. لأ .. هي كانت متحكمة تماما في نظارتها، وفي انها تتكلم بعينيها... بس كان فيه كلام مش مفهوم عينيها كانت بتقوله!

بعد ما أنا وجيري حكينالها حكايتي.. وكل اللي حصل تماما.. 
طلبت مني إني أغمض عيني.. قعدت على الأرض، وفردت ضهري باستقامة، وأخدت نفس عميق وغمضت عيني.. قعدت هي قدامي.. 
وحسيت إنها بتبصلي.. 
حسيت .. بطاقة عينيها، وهي بتركز في عيني.. اللي أنا مغمضاها!
كانت بتكلمني.. وبتحاول توجهني، وتوجه تفكيري.. 
على ما أعتقد كانت حابة إن عقلي يسترخي تماما.. زي ما بيحصل في بداية النوم.. 
ما أقدرش أفتكر اللي حصل بعد كده.. 
حسيت إني غبت تماما عن الوعي.. 
بس لما فقت، وفتحت عيني.. لقيت نفسي عند مجموعة من الناس كانت بتعمل جلسة تأمل.. جنب الغابة..

جيري والست، كانوا بيجروا ومتجهين ناحيتي.. 
وشهم كان باين عليه الذعر.. 
سألتهم: إيه اللي حصل؟ 
بصوا لبعض، وبصولي.. ومحدش فيهم شرحلي إيه اللي جابني هنا!

***
مشت الست وجيري شاورلي عشان نمشي وراها.. 
وصلت لحد باب كبير، له مطرقة كبيرة وعتيقة.. 
طرقت بيها على الباب.. ودخلت، استنينا لحد ما جات أخدتنا لجوه.. 
كان فيه راجل عجوز، الست دي كانت بتندهله بالمُعلم.. 
الأوضة كانت فاضية تماما.. وهو قاعد في منتصفها على الأرض! 
وفوقه بالظبط كان فيه بقعة نور منوّرة المكان.. 
يبدو إنه مصباح أو قنديل قوي..

همست الست في ودان المُعلم.. 
وأنا وجيري قعدنا قدامه..

بصلي وابتسم.. كأنه عارفني.. 
بعدها شاور على كتاب مكنتش شايفاه قبل كده، جابته وحطته قدامنا.. 
كتاب بلغة قديمة، وفيه رسومات.. 
زي اللي شفتها لما بحثت في الموضوع على النت.. 
وفاكرة الكلام اللي كان جنبها.. 
تجارب الخروج من الجسد - الاسقاط النجمي - تجارب الاقتراب من الموت.. وغيرها من الخرافات اللي فيه ناس بتحاول تثبت صحتها..

بصيت لجيري باحباط، وقلتله أنا مشيت من الطريق ده قبل كده، وما وصلتش لحاجة!
بصلي المُعلم وقالي.. لإنه كان طريق غلط.. 
قلب في صفحات الكتاب..

وشاورلي على صورة.. فيها باب.. وفيها شخص بيدخل من الباب.. والباب وراه باب تاني.. 
وقالي ده الطريق الصح..

وبعد 15 يوم قضيتهم في المكان ده، كنت كل يوم بقوم بتجربة مختلفة.. قدرت أخيرا أكتشف أنا عندي إيه! 
قدرت أخيرا ألاقي الاجابة اللي خلصتني من الاحساس بالذنب اللي كنت شايلاه دايما ورايا منين ما بروح.. 
أنا ما قتلتش عيلتي.. أنا مُت يومها معاهم..

.
Once upon a time.. 
كان فيه عالم اسمه ريتشارد بوث.. كان مهووس بالعلم، لدرجة إنه لما نفدت منه كل الحلول والدلائل اللي تثبت نظرياته المثيرة للجدل، عن القوى الخارقة اللي ممكن الانسان يمتلكها، قرر إنه يعمل التجارب بنفسه.. على أشخاص حقيقيين.. ريتشارد إتجوز ست جميلة.. وخلفوا بنتين.. الكبيرة فيهم كان لها حظ الأسد في إنها تكون فار تجارب مُميز.. 
ريتشارد كان بيخبي على زوجته الجميلة، كل حاجة بيحاول يعملها ويثبتها، بس هي كانت خايفة، كل مرة بنتهم ترجع من الفسحة اللي بتقضيها مع أبوها، كانت بتبقى مختلفة.. البنت مكانتش بتفتكر أي حاجة، كانت بتواجه صعوبة في إجراء أبسط العمليات الحسابية، اللي بتاخدها واجب في المدرسة، مستواها اتدهور تماما.. على المستوى العقلي، والنفسي.. وكانت الاجابة اللي أمها بتحصل عليها دايما منها هي: "مش فاكرة" 
.. زوجة ريتشارد جات في ذهنها الفكرة الملعونة، شكت إن ريتشارد بيعتدي على البنت، ولما واجهته، احتد النقاش بينهم، ريتشارد كان في غاية الاحباط، ومكانش يقدر يفسرلها إيه اللي بيعمله.. حاول يفهمها إنه لا يمكن يأذي بنتهم بالشكل البشع ده.. 
بس ريتشارد كان بيأذيها بشكل أبشع، وده اللي هيعرفه لما يهرب بيها مرة في منتصف الليل.. 
يثبتها من أطرافها، ويعزل أطرافها تماما عن أي مؤثر خارجي.. 
ويبدأ يقلل كل المؤثرات السمعية، والبصرية بالتدريج، لحد ما يبدأ عقل بنته، ينشط بشكل كبير، ويخلق مؤثرات بنفسه، عشان يدفع عنه العدم اللي موجود فيه، يومها التجربة سارت في مسار خاطئ تماما.. 
كان المفروض ريتشارد يقيس ويحاول يكتشف إيه اللي هتشوفه بنته، وإيه اللي هتسمعه، وهي محرومة تماما من المؤثرات الخارجية، من غير لمس.. أو رؤية، أو سمع.. 
بس أنا.. في اليوم ده، لما وقت التجربة انتهى، وفتح أبويا الضوء، ودخل عشان يفكني من الطاولة اللي كنت مثبتة عليها باحكام.. ملقانيش.. مكنتش موجودة..

ساعتها حاول يلاقي تفسير للي حصل، لما رجع بعربيته للبيت، زي المجنون، وكان بيدور عليا.. ماما صحيت.. وأختي الصغيرة.. فتح أوضتي، كنت موجودة في السرير.. 
اتنفس بعمق، كإنه ارتاح علشان لقاني.. كنت حاسة إني لسه صاحية من النوم.. 
ماما طردته بره البيت من غير ما تفهم اللي حصل، بس وشه كان موضح كل حاجة.. 
بعدها بأسبوع رفعت أمي قضية طلاق، وطالبت بحضانة أختي، وحضانتي.. وحرمان أبويا من إنه يشوفنا.. 
القضية إتقبلت.. ومعرفتش أي حاجة عن أبويا لحد عيد ميلادي الـ 17 
قبلها بـ 5 أيام.. أبويا ظهر فجأة، شكله كان متغير، مكانتش نظرة الجنون اللي في عينيه اللي فاكراها يوم ما سابنا موجودة، لأول مرة أشوفه حالق دقنه كلها، ومهتم بتنسيق الألوان اللي لابسها، كان في إيده ورد، ومستنيني قدام المدرسة بتاعتي..

مكنتش فاكرة أي حاجة، يمكن ده كان جزء من نتايج التجربة.. 
أقصد "التجارب" 
التجارب اللي من يوم ما بطل يستغلني فيها، وأنا بقيت بتحسن، وقادرة أكمل في نفس المستوى اللي أي حد في سني بيدرسه.. 
كنت عقليا أفضل، وقادرة أفتكر كل حاجة.. بفضل الطبيب النفسي اللي أمي حجزتلي عنده برده كنت قادرة أكون أحسن.. 
كبرت وأنا مش فاكرة طفولتي كان شكلها إيه، وليه أبويا وأمي اتطلقوا.. 
من يوم ما أبويا خرج من حياتنا، واحنا حياتنا طبيعية.. بس دخوله مرة تانية، هيكلفنا كتير.. هيكلفنا حياتنا..

أول ما شفته قررت أجري عليه وأحضنه، مكانش فيه سبب –فاكراه- يخلي عندي غضب من ناحيته.. 
قعدنا واتكلمنا، في مطعم كنا متعودين نروحه، ده الجزء اللي فاكراه، طلبلي الأكل اللي بحبه، يبدو إن هو كمان فاكر.. 
قالي إنه حابب يرجع، ومحتاجني أساعده، محتاج فرصة واحدة تانية نكون بيها عيلة حقيقية..

رجعت البيت، وهو معايا.. 
شرحت لماما اللي حصل، قلتلها إنه هيحضر عيد ميلادي بس.. وهيمشي.. وإنها مش مفروض تحرمني من ده! 
ضغطت عليها بكل ما أوتيت من قوة.. كنت محتاجة ولو لـ 5 أيام أحس إني عندي أب، زي أي بنت في الدنيا.. 
أختي كانت مبسوطة أكتر مني بوجوده، ومكناش قادرين نفهم سبب غضب ماما الشديد منه، كنا صغيرين جدا لما سابنا، ودلوقتي مش لاقيين سبب يخليه يمشي مرة تانية.. دلوقتي ممكن نفهم الأسباب.. بس الأسباب دي عمرها ما هتتقال..

ماما وافقت، وكنا بنلاحظ دايما محاولاته للكلام معاها، لكنها كانت بتمتنع وترفض.. 
الليلة اللي قبل عيد ميلادي.. الساعة 2 بعد منتصف الليل، صحيت من كابوس مزعج.. 
دلوقتي فهمت تفسيره.. 
كنت مربوطة على طاولة، في مكان كله مظلم، وفيه ضوء مسلط عليا.. وبعدها أختي بتكون مربوطة على نفس الطاولة، وأنا بكون مجرد إيد ممدودة في اتجاهها، ومش عارفة أوصلها، وهي بتصرخ، وبتعيط، عقلها بيسبح في الهوا.. وبيتلاشى تماما..

كان كابوس مزعج، بصيت في الساعة، وقمت.. نزلت الدور الأرضي، عشان أشرب من المطبخ، وأنا نازلة على السلم، شفت أبويا، وهو واقف قدام الباب.. وأختي قدامه بيلبسها جاكت.. كانوا خارجين!! في وقت زي ده! 
ناديت عليه، وتجاهلني، ماما لما سمعت صوتي، جريت من أوضتها، ونزلت بسرعة، وشدت أختي، مكنتش فاهمة اللي بيحصل.. 
***

جيري- بس دلوقتي كل حاجة بقت واضحة قدامك.. 
* أيوة.. للأسف.. 
- فاضل جلسة واحدة، هتروحي فين؟ 
* فيه حلم، مش قادرة أفسره، مش عارفة مدلوله، مش عارفة لو اتحقق هيوديني فين.. 
- ممكن أعرفه؟ 
* أكيد، بس بعد الجلسة دي..

***
رحت الجلسة الأخيرة، من أصل 7 جلسات علاج اسمه علاج التعويم، 
الشئ المُضحك في الموضوع، إن تقنية العلاج ده، كانت هي نفسها تقنية التجارب اللي أبويا كان بيقوم بيها عليا، بس فيه أسباب تخلي النتايج مختلفة تماما..

أبويا كان من المصابين بأحد اضطرابات النوم، وهو السرنمة، أو المشي أثناء النوم، يمكن هو ده اللي خلاه مهووس في البداية بتفسير كل ما يقرب ويتداخل مع حالته، واللي قاده للبحث عن النوم، والنوم العميق، ومراحل النوم، واللي بعد كده قاده إنه يبدأ يدور في الماورائيات، ويستغلني في نظرياته، عشان يقوم بتجاربه..
كنت طفلة مثالية للتجربة، لإني ورثت عنه اضطراب النوم، وكان هو بيستغل الحالة دي بالذات في إنه يبدأ بعدها التجربة، اللي كان نفسه توصله لحاجة خارقة، يثبت بيها للعالم إنه صح..
نتايج التجربة كانت عكسية تماما، الحرمان الحسي اللي عرضني ليه لسنوات، سببلي تدهور في حالتي العقلية والنفسية.. 
وكان بيزود اضطرابات النوم.. لحسن الحظ إني بشكل ما عقلي كان بيتأقلم كل مرة مع كل المؤثرات الباقية حواليه..

زي الجاذبية.. لما مكانش فيه ضوء، ولا صوت، ولا ريحة، ولا حاجة ألمسها، على عكس المتوقع، كان عقلي بيركز كليا، بدلا عن تقسيم التركيز في كل المؤثرات دي، كان بيركز بس على المؤثرات الباقية الموجودة، زي الجاذبية، وملمس الطاولة، والروابط اللي كانت بتثبتني عليها.. وكان جسمي بيقدر بشكل ما يمثل كل اللي بيشوفه في الحلم.. 
وأتصور إن كل اللي كنت بحلم بيه وقتها هو الهروب..

حتى المرة الأولى اللي حسيت فيها إن فيه حاجة غريبة بتحصلي.. لما حلمت إن دراعي اتكسر.. 
كان أثناء ليلة مشيت فيها ووقعت على دراعي، ورجعت للسرير، بدون ما أفتكر أي حاجة.. 
أثناء السرنمة، نص العقل بيكون واعي، والنص التاني غايب عن الوعي.. 
وبإجراء تجارب الحرمان الحسي.. تطورت الحالة اللي عندي، لحركة عظيمة، ولا وعي أعظم.. 
بس جسمي وعقلي تكيفوا، وبقوا يقدورا يقروا المؤثرات اللي حواليهم، حتى لو مش شايفينها، على عكس أي شخص عادي، أثناء سيره في النوم، ممكن يخبط في كرسي، أو ينط من شباك.. ويأذي نفسه، زي ما كان بيحصلي في البداية، لما كدت أكسر دراعي وأنا نايمة..

العلاج بالتعويم، كان مثالي، لإنه حرفيا بيمنع احساسي بكل المؤثرات، حتى الجاذبية.. 
خزان كبير مليان بالماية، وأملاح إبسوم، اللي بتسمح إن الجسم يطفو على سطح الماية، وتحد من تأثير الجاذبية على جسمي.. سماعات للأذن بتحد من أي مؤثر سمعي، وبيكون ملمسها ناعم جدا، وتأثيرها طفيف على الجلد، درجة الحرارة بتكون مماثلة لدرجة حرارة الجسم، من غير ضوء..

والأهم الخزان بيتم غلقه، لكن بالنسبالي، كان فيه احتياط أكبر من ده، وقرروا يحطوا أقفال على الخزان، عشان يمنعوا انتقالي لمكان تاني.. 
في الجلسات اللي بعد الجلسة الأولى، قدرت أسترخي تماما.. حسيت كإن الماضي بيسبح في إتجاه عقلي.. كل الذكريات والمواقف بتتسارع وترجعلي، كإنها كانت مدفونة في مكان عميق جوه عقلي، بس مكنتش قادرة أفتحه، وأوصله.. 
قدرت أفتكر اللي كان بيحصل معايا، واللي كان والدي بيعمله، قدرت أفتكر اكتشافي للحقيقة، في الليلة اللي أبويا كان بيخطف فيها أختي عشان تكون الفار الجديد لتجاربه.. كنت بكبر في السن، وقدراتي العقلية بتتطور، وهقدر أفهم هو بيعمل إيه، وهقدر أفتكر.. بس أختي كانت الضحية المثالية التانية.. 
مكانش راجع عشاني! 
مكانش راجع عشان نكون عيلة مرة تانية.. ماما كانت عارفة، كانت عارفة كل حاجة.. ودلوقتي أنا قادرة أفهم كل الكلام اللي كانت بتقوله ومكنتش بفهمه.. مكنتش فاكراه!

بس كل جلسة جاية، هتكون حلقة من الماضي بترجع لمكانها الصحيح في عقلي.. 
وفي النهاية، هشوف كل حاجة..

هشوف خناقهم سوا، هشوف عدم فهمي للي بيحصل، ووشي اللي مرسوم عليه 100 سؤال.. 
هشوف أختي الصغيرة وهي حاطة إيديها على ودنها بتحاول تهرب من اللي بيحصل.. 
وأنا بأنانية خالصة، بخلي الموضوع يدور حواليا.. 
بقولهم أنا بكرهكم.. إنتوا بوظتوا عيد ميلادي.. بدخل أوضتي، وبقفل على نفسي، ولسبب ما الكهربا بتقطع عن البيت.. 
أبويا وأمي لأول مرة بيتعاونوا في حاجة، واقفين على بابي من بره، بيحاولوا يصلحوا الأوضاع... لكن بعد فترة بيمشوا ويبدأوا يتخانقوا مرة تانية..

بخرج شمعة كان مفروض أولعها بكرة في عيد ميلادي، وبحطها على الأرضية.. 
وبنام جنبها، بشوفها بتتحرق.. 
وأنا بعيط.. 
بفضل ساعات على نفس الحالة، حتى لما الكهربا بترجع بقفلها، وبحط سماعات ودني من غير ما أشغل حاجة.. وبفضل على نفس الوضع.. بشكل ما كان اللاوعي بيتلاعب بيا، بهرب عن الواقع بنفس الطريقة اللي أبويا كان بيستخدمها.. واللي للسخرية مكنتش فاكراها.. كنت بكرر تجربة حرمان حسي تانية.. واستجابتي ليها كانت سريعة! 
غبت عن الوعي، وتاني يوم كنت في الجنينة الخلفية بتاعة بيتنا.. 
تماما تحت شباك أوضتي..

المسعفين جنبي، بيحطوا خشبة تحت رجلي، ويربطوها.. وجثث أهلي خارجة من البيت.. 
دلوقتي سامعة كل كلمة قالوها المسعفين، والشرطة، ورجال المطافي، وشامة ريحة الحريق، وشايفة بعيني كل التفاصيل اللي كانت مشوشة تماما يومها.. 
أبويا.. لأ.. ريتشارد بوث، العالم المجنون.. في الليلة دي بيهدد أمي بالسلاح، بيحاول يخطف أختي تحت تهديد السلاح، ولما أمي بتقرب منه، وتشد أختي، بتفلت طلقة منه لقربها الشديد منهم، بتخترق من جسد أختي، لجسد أمي، وبيقعوا الاتنين على الأرض... 
"What I've done?" 
بيفضل يردد زي المجنون.. 
بيوجه المسدس لراسه، وبيقتل نفسه.. 
ريتشارد المجنون، بينهي حياته بعد ما سلب حياة أمي وأختي.. وأنا في الوقت المناسب، بحلم الحلم اللي جسدي بيمثله، بتحرك وفي إيدي شمعة عيد ميلادي، أبويا وأمي وأختي واقفين قصادي، عيني لونها أبيض تماما.. بتقع الشمعة مني.. وبعدها مبقدرش أتحرك من مكاني..

في الحقيقة كنت بتحرك ناحية الشباك، وبقع من الدور التاني.. بيحصلي إغماء كلي، والباقي كله معروف.. 
كل اللي كنت بشوفه، في كل جلسة كان بيمثلي صدمة كبيرة، وده ساعات كان بيخرجني من الجلسة.. 
ويحطني في حالة بكاء مستمر.. وإنكار..

لكن الحقايق اللي كنت بدور عليها بعد ما أعرف أي معلومة كانت بتأكد اللي بشوفه.. 
زي تقرير المعمل الجنائي، اللي أقر بإن سبب الوفاة كان طلق ناري، والجاني معروف.. وسبب الأسئلة اللي سألوهالي.. وتقرير الطبيب النفسي اللي طلبوه في التحقيق.. 
مكانش ينفع يقولولي الحقيقة دي وأنا عندي 17 سنة، بس سابوني مع ذنب إني كنت شاكة إني أنا السبب في وجود حريق، ومقتل عيلتي..

أخيرا كل حاجة كانت بتبدو منطقية قدامي، رغم إنها كانت بعيدة عن أي منطق اعتدته.. 
فاضل جلسة واحدة، هختار فيها جيري.. 
الحلم الغريب اللي كنت بحلمه، الشخص اللي بدون ملامح اللي بحضنه.. 
نفسي أعرف مستقبلي معاه!

بس كل اللي كنت فاكره إني فهمته.. وكل اللي شفته.. المرة دي.. هينقلب رأسا على عقب.. 
عقلي وذاكرتي، وأيا كان الكيان اللي بيخليني أقدر أشوف الماضي، وأسترجعه.. هيتلاعب بيا، المرة دي..

على عكس المتوقع، برجع لنفس الليلة.. 
بشوف نفس اللي حصل.. 
لما بغيب عن الوعي، بتجه ناحية الشباك، وساعتها بتقع الشمعة على الأرض، وتتدحرج لحد ما توصل للستاير.. 
بقف دقايق من غير ما أتحرك، قدام الشباك، في النهاية بقرر أقفز منه، بطفو فوق جسدي!! 
بقع على الأرض.. أو الأصح، جسمي.. بيقع على الأرض.. بس أنا.. أنا بره جسمي! 
بسمع طلقات نار، اتنين بالتحديد، بجري بسرعة لجوه البيت، بشوف أبويا في لحظاته الأخيرة، في إيده المسدس.. وبيبكي وبيقول إنه آسف.. 
بشوف أمي وأختي على الأرض.. 
وبشوف النار وهي بتزحف في اتجاهه، وهو الرعب مالي عينيه، بحضنه.. وبنتحرق سوا.. 
ده.. كان أبويا.. 
ودي كانت أنا.. 
بس مقدرتش أمشي.. معرفتش أعبر من الباب الأخير معاهم.. 
شفت البنت المسكينة اللي عندها 17 سنة على الأرض، ورجعتلها! رغم إنها هتكون لوحدها رجعتلها، ورغم إنها مش هتفتكر رجعتلها.. ورغم إن حياتها هتكون جحيم من غير تفسير، رجعتلها..

أحد فوائد التعويم، إنه بيزوّد الموجات الدماغية "ثيتا" .. اللي مسئولة عن الوصول للذكريات، والحاجات المدفونة جوه الدماغ.. 
واللي في "النوم العميق" صعب الوصول ليها، لإن النوم بيتبع نوع موجات تانية، اسمه "دلتا" 
موجات ثيتا، قادرة تركز نشاط العقل كله، على حلم، أو ذكرى بعينها وتنفصل تماما عن أي مؤثر بيئي.. ودي كانت فكرة العلاج بالتعويم اللي بعمله من الأساس.. عشان أوصل للحقيقة..

ذكرى، زي اليوم اللي قالي فيه جيري، في الظلام فيه حاجات كتير أكتر من اللي نتخيلها، بس احنا مش شايفينها. 
على الكنبة، شفت كيان مطابق ليا.. زي تماما الليلة المشؤومة لما حسيت إني بطفو فوق جسدي..

ذكرى تانية، شفت الكتاب اللي كان في إيد المُعلم.. خاصة الصورة.. 
شفتني، وأنا بحاول أخرج من الباب الأول.. (جسمي)
وخرجت.. وشفتني وأنا بحاول أخرج من الباب التاني، ورا أهلي.. (الحياة) 
بس مقدرتش.. 
مقدرتش أخرج منه..

بعد آخر جلسة.. 
الوحيد اللي كان فاهم اللي مريت بيه، هو المعلم.. 
اضطريت أرجع للوصفات العلاجية، والمهدئات اللي طبيبي النفسي كان كاتبهالي.. 
على عكس ما توقعت، إني لقيت اجابات مُريحة.. أنا لقيت إجابات مُحيّرة! 
جيري مكانش فاهم أنا شفت إيه، أو مريت بإيه.. 
هقوله إزاي إني مُتّ!!؟

هقوله إزاي أنا حاسة بإيه! 
أوصفله إزاي إني عايشة في جحيم بسبب شخص ملعون مجنون، كنت فار تجارب بالنسباله! 
أنا مُتّ قبلهم! في نفس الليلة، بس إزاي!!؟ 
هل التجارب كان ليها يد إنها عبثت بحياتي، وبكياني، وبنفسي؟

ملايين الأسئلة والأحاسيس المختلفة كانت بتتصارع في عقلي.. الشخص الوحيد اللي كان فاهم ده! مش قادرة أفهم إزاي مُتقبله.. 
رحتله.. ابتسملي نفس الابتسامة، كإنه فاهم كل حاجة..

قبل ما أقول أي حاجة، قالي: "إنتي على وشك الجنون.."
رديت عليه بسؤال: "إنت إزاي مُتقبل كل الأفكار دي؟، كل الحقايق دي؟"
وساعتها بدأنا أطول محادثة تضرب بالعلم، والمنطق عرض الحائط.. عن حالات مُشابهة، عن الدراسات اللي اتعملت، عن التجارب اللي مر بيها ناس زيي.. عن نجاتهم منها، ومن الجنون..
قضيت 3 شهور، بعيدة عن جيري.. كل اللي بعمله، إني بحاول أحافظ على عقلي.. وبحاول رغم كل حاجة، أتقبل اللي حصل.. وأعيش مع الحقيقة.. 
أكتر حاجة ساعدتني، هي حكايات وتجارب الناس اللي مروا بحاجات مشابهة، صحيح محدش فيهم تعرض لنص اللي تعرضتله لوحدي.. بس بشكل ما ده كان بيهون عليا.. 
اكتشفت أنواع أعشاب كتير كريهة الطعم، بس كانت بتساعدني فعلا أفضل مركزة، وبتحافظ على صحتي.. 
جلسات التأمل، كانت بتساعدني على تملك أعصابي.. والتحكم فيها.. 
الفنون القتالية، كانت عبارة عن تنفيس كل المشاعر اللي كانت بتجتاحني، زي الغضب، والشعور بالانكار، واللامنطق.. 
جوّ الغابة، والمشي لمسافات طويلة، كان مُريح جدا، وعلاج حقيقي للنفس.. 
كل ده، والمساعدة الجبارة للمعلم ليا، خلوا إتزاني يرجعلي مرة تانية في وقت قصير.. 
وأول حاجة قررت أعملها، إني أكلم جيري..
للأسف مكانش بيرد على اتصالاتي، بعد ما تجنبته لوقت طويل.. 
رحت لقريبه في الفندق، واتحايلت عليه.. اداني عنوانه الجديد، وقدرت أخيرا أوصله.. 
رحت لشقته، وفتحتلي بنت جميلة، لابسه تيشرت جيري.. 
خرج بعدها، وبصلي.. وكان مستغرب وجودي.. 
من كتر اللغبطة اللي كنت فيها، فضلت بصاله، من غير كلام، والبنت بتبصلنا واحنا الاتنين ساكتين! وعاوزة تسأل أنا مين!؟

سألته: "فاكرني!" كان سؤال غبي! 
بس رد عليا.. "فتاة أحلامي" 
دخلت البنت جوه، وكان باين عليها الغضب.. 
بصلها، وبعدين بصلي، وقالي "إيه اللي جابك؟" 
قلتله: "أنا مدينة ليك بإعتذار وشكر" 
اعتذار لإني مكنتش قادرة أتعامل مع الأمور اللي عرفتها، ومع الحقيقة.. وساعتها تجاهلتك، وبعدت من غير ما أشرح.. 
وشكر لإنك.. ساعدتني.. 
هز راسه، ويبدو إنه مكانش عنده أي رد يقولهولي..

بس شاف في رقبتي السلسلة اللي كان مديهالي هدية، وقالي: إنتي لابسة السلسلة! 
قلتله أيوة..

وبعدها الكلام كان نفذ مني.. ومنه على ما يبدو.. 
حاولت أتكلم بعيني وأوصله نفسي أقول إيه.. بس يبدو إني مقدرتش.. 
شاورتله بإيدي، ونزلت جري من على السلم.. 
خبيت السلسلة جوه التيشرت بتاعي.. 
يبدو إن أحلامي بعد ما عرفت الحقيقة بقت مش بتتحقق..

والحلم اللي خلاني آجي هنا.. الحلم.. اللي فيه أنا وهو سوا.. الحلم الوحيد الحلو اللي حلمته من سنين طويلة، مجرد ترهات..
فجأة سمعت صوته، بينده عليا.. 
كان نازل جري، ولسه بيكمل لبس جزمته، 
البنت اللي فتحتلي الباب واقفة في الشباك.. شاورتلي بإيديها وضحكتلي.. 
مش فاهمة حاجة! .. 
قرب مني ومن غير كلام.. فتح دراعه، وتردد في الأول، فبعد، وبعدين قرب تاني، وحضني... 
قلتله: "وهي؟" 
فضحك وقالي: "دي أختي، اللي هوايتها المفضلة انها تستولي على هدومي، عشان لما بتجيلي بتنسى تجيب هدوم نومها معاها" 
حضنته تاني.. وقالي: يبدو إنك مبقاش عندك مشاكل في إن حد يقرب منك للدرجة دي.. 
بصتله وقلتله لأ.. مبقاش فيه مشاكل.. 
ضحكلي.. وقالي يبدو إنك هتحققيلي فعلا حلم حلمته.. 
قلتله: ويبدو إنك هتكون أول حلم جميل يتحققلي..

..
The End

تعليقات

  1. بستمتع جدًا وأنا بقرأ لك يا أسماء ، انك تحافظي علي إثارة فضول وشغف القارئ لنقطة النهاية دا شيء عبقري وبيأكد قد إيه انتِ موهوبة وتستحقي مكانة أفضل ، أتمنالك كل التوفيق..❤

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف

  4. طريقتك في الكتابه حلوه جدا وانتي موهوبه جدا ماشاء الله ربنا يوفقك

    ردحذف
  5. مبحبش القراءة اوي نفسي احبها بس بزهق بس انتي مش بزهق من اي قصه ليكي مهما طولت ومع اني عملالك سي فيرست ع الفيسبوك كل يوم بدخل اشوف في قصه جديدة ولا لا ولو لقيت قصه وقراتها بزعل انها خلصت بكلم اصحابي علي طريقتك وقصصك وبقولهم انا بتمني انسي القصص بتاعتها وارجع اقراها من الاول تاني واحبها تاني ���� ربنا يوفقك وتحققي كل احلامك يا جميلة

    ردحذف
  6. حسيت اني يسمع فيلم بكل مؤثراته الصوتيه والبصرية وكل حاجه اسلوبك رائع وبحثتي جدا في الموضوع مجهودك واضح ربنا يوفقك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

Black Mirror - New written episode.

مبقاش سر