كان يا زمان!





















أنا وخطيبي، استلمنا شقتنا الأسبوع اللي فات.. 
النهاردة أنا وأختي هنروح نفرشها، ونبات هناك.. 
وصلنا.. العمارة لسه جديدة، وفاضية.. ودي أحلى حاجة فيها.. 
مفيش غير واحد بس اللي اشترى الشقة اللي فوقينا.. بس لسه ما نقلش وما اتعرفناش عليه..

بدأنا نطلع الحاجات من الاكياس والكراتين .. وبعدين قمت وسبت أختي تكمل 
ورحت المطبخ أعمل اتنين نسكافيه..

كنا مشغلين أغاني، وصوتها عالي.. بما ان مفيش جيران.. 
سمعت صوت بيبي بيعيط .. !
ناديت على مها توطي صوت الأغاني.. 
قفلتها وجات.. 
فضلنا ساكتين.. بنسمع.. مكانش فيه أي حاجة!
شغلنا الأغاني تاني.. بعد شوية برده سمعنا صوت بيبي بيعيط.. 
قفلنا الأغاني خالص.. 
وبدأ الجو اللطيف اللي عاملينه يتقلب، لعكننة.. 
..

قعدنا نتكلم، وكنا قربنا نخلص كل الكراتين المقفولة.. والجو كان طبيعي.. 
بعدها سمعنا الصوت أقوى.. وأوضح. .
مها مسكت ايدي.. وقالتلي مش ممكن يكون الجار اللي ماشوفناهوش سكن ؟
طلعنا الدور اللي فوق.. 
فيه شقتين بردو، بس معرفش أنهي شقة بتاعته!
خبطت على الشقة اللي كانت على اليمين.. ومها فضلت واقفة ورايا، النور بتاع الدور ده كان بايظ، حاولنا نشغله مفيش فايدة، بس السلم كان منور شوية وده خلانا مطمنين، محدش رد.. رنيت الجرس، بس زي ما توقعت، مكانش فيه أي صوت طلع منه.. 
مها قالتلي وسعي شوية.. وسعت وهي خبطت، بس لقيت الصوت جاي من الشقة التانية اللي كانت على الشمال، عقب الباب كمان كان فيه فرق بينه وبين الأرضية، وساعتها شفت إن الشقة فيها نور، يعني أكيد هي دي الشقة، وأكيد سكنوا.. قربت من الباب ما دام فيه جيران، مش هينفع نزعجهم أنا اتأكدت خلاص.. ببص ورايا، عشان أقول لمها تيجي هنا.. مالقتهاش! 
قربت من السلم، اللي بيطلع لفوق.. ضلمة تماما.. 
سمعت صوت الأغاني بيشتغل تاني تحت.. فعرفت إنها نزلت، وأكيد خافت.. 
قررت أنزل أنا كمان.. بدأت أتوتر.. والليلة ماشية في مسار غلط تماما.. غير اللي توقعته! 
بس النور طفى.. والولد اللي بيعيط صوته علي أكتر.. وقفت على السلم قبل ما أنزل ومش فاهمة إيه اللي وقفني.. بس أكيد فضولي! 
طول عمري فضولي بيغلب أي احساس تاني عندي، حتى لو كان  الخوف!
النور اشتغل تاني، والولد كأن حد سكته، كأنه بدأ ينام.. 
أنا ليه بفترض إنه ولد!! .. ده اللي حسيته، بمجرد ما سألت نفسي السؤال ده، سمعت صوت ست بتقوله نام يا حبيب ماما.. نام.. 
كان صوتها مألوف! 
طلعت على طراطيف صوابعي.. 
كانوا 3 سلالم.. 
قربت من الباب.. 
حسيت إن فيه حد بيبص من العدسة بتاعة الباب.. 
قربت منها جدا.. رغم إني عارفة إني مش ممكن هشوف لجوه! 
عيني كانت على العدسة وساعتها حسيت احساس غريب!!

قلبي اتخطف.. 
بس على الأقل.. صوت العياط سكت.. 
نزلت بسرعة الشقة، لقيت مها قاعدة.. بتقولي ياللا النسكافيه هيبرد.. 
لسه هسألها إيه اللي حصل! ونزلتي ليه، سكتتني.. 
وقالتلي: "بس.. مش هنتكلم في حاجة.. احنا هنقضي الليلة دي بهدوء وسلام، هنخلص رص، وننام، وبكرة الصبح.. ندي مفاتيح البوابة للبواب.. ونروّح.. هننبسط، ونسمع الأغاني وبس.."

ده اللي حصل، مها كانت بتخاف، وكان عندها حق، الليلة اللي كان مفروض تمشي بطريقة كلها حكايات حلوة، وأحلام، وفرحة.. 
went wrong! 
بعد ساعتين خلصنا حاجات كتير، وجهزنا اوضة نوم الاطفال، ونمنا هناك..

مها- إنتي مش جعانة؟
* هموت من الجوع بصراحة.. 
- طيب ما تقمي تعمليلنا ساندويتشات، وشاي بلبن!؟ 
* حرام عليكي، أنا العروسة دلعيني شوية، هم الاخوات اتعملوا ليه يعني! 
- أوووف.. ماشي يا لمضة.. طب بقولك إيه! 
* ها؟ 
- ما ينفعش نطلب دليفري؟ 
* لأ مين اللي هييجي دلوقتي أصلا! 
- أصل بصراحة شامة ريحة أكل.. 
* وانتي كمان؟ أنا برده شامة ريحة أكل حلو.. حاساها كفتة كده.. 
- ما تحلميش، هم ساندويتشين أي حاجة، وهاجي.. 
* طب ياللا قبل ما انام جعانة..

قامت مها.. وأنا كنت تعبانة جدا، حاسة إني هموت وأنام.. وفي نفس الوقت جعانة.. 
بس كنت حاسة إني قلبي مقبوض، بشكل مش مفهوم!! 
حسيت إن صوت الولد اللي بيعيط، وصوت الست بدأوا يدخلوا في أحلامي.. 
ريحة الأكل.. كانت قوية.. بس كنت حاسة بيها في مناخيري!! 
ريحة غريبة.. وصراخ الولد، ومامته.. 
نفسي أنام.. قلبي مقبوض.. مها فين! .. صراخ.. ريحة حريقة.. صراخ..

فقت، مها كانت قدامي.. ووشها مفزوع! ..
كإنها كانت بتجري من بره! 
يومها صحيت مش فاهمة حاجة، بس مكانش فيه أي ريحة ولا صوت.. أنا بحلم.. 
أخدت ساندويتش وكوباية الشاي بلبن، وأكلت، ومها نطت جنبي على السرير.. وفضلت تاكل، وتبص للصالة! 
ما اتكلمناش كتير.. كنت حاسة إني مش واعية تماما.. أكلت ونمت على طول.. 
كان نوم عميق جدا.. من غير أحلام.. 
غير إني صحيت بعدها حسيت إن مها واقفة على الباب.. وفي إيدها حاجة! .. بعدها غمضت عيني ونمت..

صحينا الصبح.. 
كان عندي فضول أطلع الدور اللي فوق.. 
بس نزلت.. مع مها، اللي كانت متحفظة، ومش عاوزة نتكلم في الموضوع خالص! 
البواب كان تحت.. 
سألته على الجيران اللي سكنوا.. قالي إن كان فيه واحد قال هييجي قريب، وينقل.. 
بس هو معندوش خبر!

"يمكن نقلوا وأنا مداريش.." قال كده، وساعتها اتطمنت..
مها قالتلي أطلب أوبر، وأستنى ..
رجعت هي للبواب.. وسألته عن حاجة! 
كان في ايدها جرنال! 
وهو كان بيحرك إيده كإنه بيقولها معرفش..

*** 
عدت أيام كتير وانشغلت فيها جدا، كنت مبسوطة إن كل حاجة تمام ومظبوطة.. 
هتجوز الشخص اللي بحبه.. هأتجوز أحسن حد قابلته في حياتي... لولا شغله الصعب..
واللي بياخده كتير مني.. كنت بقيت أسعد بنت في الدنيا. .
بس مش مهم.. 
الأيام عدت بسرعة.. وكنا مبسوطين.. اتجوزنا.. بس كالعادة قبل الجواز حصلت مشكلة في الشقة بتاعتنا.. 
المشكلة كانت مع المالك، اللي باع الشقة لشخصين! 
كل حاجة كانت بتبوظ لولا إنه جوزي حلها.. 
سكننا في الشقة اللي في الدور اللي فوق.. الشقة اللي على الشمال.. 
كنت رافضة الفكرة تماما.. خصوصا بعد الليلة المرعبة اللي قضيتها هناك.. 
بس لما عرفت ان مكنش فيه حد هناك أصلا، وإن محدش طلب مفتاح البوابة غيرنا.. مها كمان طمنتني.. وقالتلي ان احنا أكيد كان بيتهيألنا.. أو إن الصوت كان جاي من الأغاني.. 
العمارة دلوقتي كلها ساكنة..

سكنت في الشقة، وكنت متخوفة في الأول.. أحسن تكون مسكونة! 
بس الحمد لله.. كل حاجة كانت كويسة.. كل لحظاتي السعيدة مع جوزي كانت فيها.. 
وأحسن لحظة في حياتي كانت فيها، يوم ما عرفنا إننا مستنيين بيبي.. 
كان نفسي يكون ولد.. عشان يبقى شبه باباه.. وربنا استجاب ليا.. 
أنا أسعد حد في الدنيا.. يوم ما شيلته على ايدي.. وأنا وجوزي اكتشفنا سعادة جديدة.. 
بس أنا أكتر.. كنت مبسوطة عشان خلاص مش هكون لوحدي.. 
جوزي بيشتغل كتير، وبيتأخر جدا في الشغل.. 
دلوقتي هيبقى معايا ابني.. 
***

عدى وقت كتير، قدرت أنظم فيه حياتي.. بشكلها الجديد.. 
كنت بعتمد على اللي حواليا أغلب الوقت.. بس مش مهم.. كل حاجة كويسة.. 
كنت بوّدي دايما ابني لجارتي اللي ساكنة في الشقة اللي قدامي..
بس للأسف لسه مرجعتش من المصيف.. 
كان المفروض ترجع من يومين! 
الأيام دي مُرهقة جدا بالنسبالي.. تعبانة جدا.. وخايفة ابني يتعدي مني.. جوزي بقاله يومين مرجعش من الشغل، والنهاردة راجع، وهييجي متأخر.. ورايا شغل كتير بس جسمي كله مكسر.. هعمله الأكل اللي بيحبه.. كفتة.. وبشاميل.. مستحيل حد يقدر ينافسني فيهم.. 
بس أنا تعبانة.. 
كل ما أفتح الباب على أمل إن جارتي تكون جات، وأقدر أودي ابني عندها لحد ما أخلص، بلاقي الجرايد بتاعة الأيام اللي فاتت لسه قدام الباب.. يعني مجاتش!

ابني مش راضي يبطل عياط.. والأكل على النار.. وكل حاجة بالنسبالي مرهقة.. 
فضلت أعيط.. لإني مش قادرة، ولإنه مش راضي يسكت! 
حتى تليفوني فصل شحن.. وعيني زغللت.. 
مش قادرة أصلب طولي.. 
رحت شيلته.. حاولت أهديه.. الساعة داخلة على 3 بالليل.. 
حسيت بحركة بره.. بس كنت طافية النور بتاع الدور.. 
قربت من الباب.. وأنا شايلة ابني.. كان بدأ ينام.. 
بصيت من العين السحرية.. و... 
أكيد أنا .. أنا تعبانة! .. أكيد مش مركزة.. أنا مش مركزة! 
أكيد مفيش حاجة!  محدش بيشوف نفسه في العين السحرية.. 
بصيت مرة تانية.. مشوفتش حاجة!

وأنا داخلة مرة تانية الأوضة، كنت هقع.. لمست وش إبني كان سخن! 
لقط العدوى مني.. 
خرجت الموبايل حاولت أتصل بجوزي.. 
الموبايل فاصل. .
فيه صوت قوي جه من المطبخ! 
بعدها الدنيا ضلمت تماما.. 
صوت خلى إبني يعيط ويصرخ من تاني.. 
حصل ماس كهربي.. فيشة البوتاجاز فرقعت.. 
حاولت أطفي النار اللي كانت ماسكة في كل حاجة، بس مكنتش قادرة.. 
جريت على الأوضة، في الضلمة عشان أخد ابني، وأطلع.. 
المفاتيح!.. مش لاقية.. مش عارفة حطيتهم فين.. 
مش فاكرة.. 
بعد اللي شوفته في العين السحرية.. خفت.. أنا فاكرة إني قفلت الباب بعدها من جوه.. 
أنا .. أنا حبست نفسي.!!

**
اللحظات الأخيرة تستدعي الجنون! 
كنت حاسة إن فيه حاجة غريبة بتحصل.. بس معنديش طاقة أقاومها. 
سامعة صراخ.. بفقد وعيي.. قلبي مقبوض.. صراخ.. ابني.. أنا وابني.. ساعدوني.. حد يساعدني.. رغم إني كنت بصرخ بأقصى ما يمكنني.. كان فيه صوت غريب سامعاه.. مغطي على صوتي.. صوت أغاني! 
.. 
من سنتين.. كنت .. 
أنا اللي شفتها.. 
إزاي؟

المرة دي هنام، أنا وابني.. نوم عميق.. عميق جدا.. 
***

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

Black Mirror - New written episode.

مبقاش سر