عُمر ونعناع الأرنوب


..عُمر ولدٌ جميل، ولكنه لا يسمع كلام ماما، وبابا، يقولون له: "يا عمر نظّف غرفتك" فيقول عمر: "حاضر" ولكنه يذهب ويلتهي باللعب. 
يقولون له: "يا عمر إغسل يديك" فيخبرهم: "لقد غسلتهما البارحة" ، وإن أخبروه أن يُنجز واجباته، يخبرهم أن لديه متسع من الوقت،
" سأنجزه في الصباح يا أمي قبل أن أذهب إلى المدرسة" 
وكثيراً ما قالوا له ألا يرمي ألعابه، فيتعثر بها، وألا يهمل أشياءه فتضيع، ولكن عمر لا يبالي
جلس الأب والأم يتناقشان، ماذا يفعلان لهذا الولد الشقيّ، فقررا أن يعاقباه 
أخذا كل ألعابه ولم يتركا له سوى أرنوبه الصغير الذي يسميه عُمر 
"نعناع" 
، ولم يقوما بمساعدته فى البحث عن أشيائه التى تضيع بسبب إهماله،
عاد عمر يسأل أمه: "ماما . هل رأيتِ ألوانى؟
فأخبرته ماما: "لا أعرف، إبحث عنها بنفسك"
مرة أخرى ذهب عمر ليسأل: "بابا، هل رأيت طائرتي الورقية؟ 
فأجاب الأب: لا أدري حبيبي إبحث عنها لتجدها. 
جلس عمر غاضباً، يُحدث نفسه 
"لماذا لا يبحثان لي عن أشيائي؟" 
وفجأة سمع من يقول له : لا تهتم ، نظر عمر فإذا بنعناع الأرنوب يُحدثه، تعجب عمر وسأل: نعناع؟ هل تكلمني حقاً؟ 
ضحك نعناع الأرنوب ثم قال: هيا يا رفيقي لا تحزن، من يحتاج الكبار؟ إنهم مملون، أليس كذلك؟ 
ابتسم عمر وأمسك بيد نعناع، وإذا بهم يطوفون في الهواء إلى أن وصلا إلى مكانٍ جميلٍ ونزلا على الأرض، فسأل عمر: 
"ما هذا المكان يا نعناع؟" 
رد نعناع: هذا المكان هو عالمي الخيالي، الخالي من الكبار، والمسئوليات، وافعل ولا تفعل.. اففففف .. ألم تمل منهم؟ 
رد عمر: ولكن الكبار يعرفون كل شئ.. انهم يعرفون أكثر منّا بكثير
قال نعناع: انتظر وسوف ترى بنفسك 
بدأ عمر ونعناع يلعبون في أرجاء المكان الملئ بالخضرة والألعاب، كانوا يقذفون الأشياء حولهم في كل مكان في استمتاع ولا مبالاه، ثم بدأوا بأكل الحلوى بدون حساب، حتى أن كل منهما أصبح بذاته يشبه قطعة الحلوى. ثم بدأ عمر يتألم من وجع معدته 
قال عمر: أين أمي؟ ما كانت لتسمح لي بأكل كل تلك الحلوى، الآن بطني تؤلمني أأأه 
رد نعناع: تلك هي الفكرة منذ البداية، أنت حر الآن فما الذي يُحزنك؟ 
أكمل نعناع وهو غير مبالي: هيا لنتمشى في الحديقة ونلعب بالطين ونوسخ ثيابنا 
تمشى الشقيان في الحديقة ولم يقابلا أحداً 
فتعجب عمر وقال: لما لا يوجد أحد غيرنا يا نعناع ؟

رد نعناع: لأننا الوحيدين اللذان لا يسمعان الكلام.. نحن مميزون في هذا لذا نحن نستحق هذا المكان وحدنا 
استمر عمر في اللعب وتكسير الأشياء مع أرنوبه نعناع حتى تعبا 
قال عمر: أريد أمي الآن 
فرد نعناع: لا يوجد هنا أمي ولا أبي لقد قلت لك إنه مكاننا الخاص، نفعل فيه ما يسلينا فقط دون ارشادات الكبار 
لا ترتيب لا غسل يدين ولا مذاكرة ولا بابا ولا ماما

بكى عمر وقال: انظر إليّ إنني متسخ وقد تعبت ومعدتي تؤلمني وأنا صغير لا أعرف كيف أفعل كل شئ وحدي 
رد نعناع: إن كنت تعبت فيمكنك العودة ولكنك تحتاج المفتاح، سأل عمر: وأين ذلك المفتاح؟ 
رد نعناع: لقد نسيت أين وضعته، الآن عليك أن تبحث عنه وسط الفوضى التي أحدثناها 
أخذ عمر يبحث بلا فائدة، وبدأ في البكاء والصراخ، وقال لنعناع: لما لم نرتب تلك الفوضى وراءنا لكنا وجدنا المفتاح بسهولة الآن.
ضحك نعناع مستفزاً عمر وقال: تماماً أنت على حق لن نجد أي شئ.. 
ثم ذهب نعناع وهو يضحك بعيداً بينما كان عمر في أشد ضيقه
بكى عمر كثيراً وأخذ يعاتب نفسه، وقال أنا من فعلت هذا بنفسي، يا ليتني سمعت كلام بابا وماما 
إهئ.. إهئ..
وفجأة، ظهر صوت غريب 
خاف عمر، وأحس أن هناك من يمسك به، ففتح عينيه، وجد أمه تقف أمامه، نظر حوله فوجد نفسه في غرفته المُرتبة
قال: أمي .. أمي.. 
ردت أمه: حبيب ماما ماذا بك ؟ رفع عمر رأسه واقتربت أمه تحتضنه وهو ممسك بيد نعناع وملابسه لازالت نظيفه فأدرك انه كان يحلم و قبّل أمه، وقال: لا شئ لقد رأيت حلماً مخيفاً ولكني أعدك أن أكون مطيعاً ومسئولاً سأرتب أشيائي، ولن أضيعها مرة أخرى.. 

توتة توتة.. خلصت الحدوتة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

Black Mirror - New written episode.

مبقاش سر