سيّدة


من 15 سنة

كان سيد مستني الخبر السعيد، نفسه يجيب ولد.. بعد ما مراته الأولى "سعاد" جابت 3 بنات.. إتجوّز تاني عشان يجيب الولد..! 


خرجت الممرضة مبسوطة، وهو على ترقب مستني يسمع الخبر اللي هيفرحه ، 
قالتله: "مبروك يا أستاذ سيّد جاتلك بنوتة زي القمر، ومامتها بخير" 

كإن سهم نزل عليه، وشه إسوّد من الغضب.. كإن هنية كانت قاصدة!
كإن بإيديها تختار تجيب واد ولا بنت!

من غضبه واعتراضه، ساب المستشفى.. مدخلش شاف البنت المولودة ولا شاف هنية وإطمّن عليها.. 
عدت أيام كان بيروح البيت زي الغريب.. 

مش طايق يشوف وش هنية.. مش طايق يسمع صوت عياط بنته .. مش عاوّز هو اللي يسميها!
هنية عشان تحنن قلبه سمتها "سيدة" 
بعد أسابيع سعاد راحت لهنية البيت.. سيد مكانش موجود.. 
هنية بطيبتها إدتها البنت.. سابتها معاها، وقامت تجيبلها حاجة تشربها.. 
مسكت سعاد البنت .. خرجت إزازة من شنطتها، مسحت على ودان البنت من الإزازة.. 
فضلت تقول.. "تكبري ناقصة يا سيدة يا بنت هنية، تعيشي متعذبة، ومنفية، لا أبوكي يحبك، ولا امك ترضاكي.. ولا حد يعمّر معاكي.. تكبري ناقصة يا سيدة يا بنت هنية.. تعيشي متعذبة ومنفية.." 

جات هنية شايلة الشاي، حطته وأخدت البنت، سعاد قامت على طول.. 
وقالتلها "عقبال الجاي يا هنية".. 

... 
الليلة دي كانت مخيفة، الدنيا بتمطر وسيّد لسه بره، البرق والرعد ماليين السما..
سيدة مبطلتش عياط.. كانت بتصرّخ مش بتعيط.. 
فضلت هنية تسكت فيها لكن معرفتش.. 
الباب خبط.. 
قامت هنية وهي شايلة البنت، وفتحت.. دخل سيد من غير ما يتكلم..
وبعدين قال: "مالقيتش مفاتيحي الصبح، وديتيها فين!؟" 
- "معرفش يا سيد يعني هتروح فين!! 
- ' ما تسكتي بنتك أنا هدخل أنام مش عاوز صوت!!' 
- "بنتي! .. هي بنتي لوحدي يا سيّد!! .. ده انت مبصيتش في وشي من يوم ما جات.. هو ده الرضا بقضاء ربنا!!؟ .. أنا ذنبي إيه ولا هي ذنبها إيه؟
- من غير كلام كتير، اخلصي سكتيها بدل ما هسكتكم انتوا الاتنين!
- لا بقا يا سيد مش هسكت، انا معدتش طايقة المعاملة دي ..
فجأة سيد إتعصب وبص لهنية بمنتهى الغضب وضربها بالقلم.. توازنها إختل ووقعت بالبنت على الكنبة..
فضل يضربها، وبعدها قالها: "إنتي طالق بالتلاتة" مش عاوز أشوف وشك تاني.. 
.. كانت ليلة مخيفة.. بس اللي حصل فيها مخيف أكتر..
سيد فقد أعصابه شد هنية من ايديها وخرجها هي وسيدة ورماهم بره البيت.. 
هنية مكانش ليها غيره..
فضلت تمشي في الشارع والدنيا بتمطر.. وهي مغطية وش سيدة وخايفة عليها.. 
لحد ما لقت جامع ودخلت قعدت فيه..
البنت هدت تماما، وسكتت.. وأخيرا نامت..
.. 
تاني يوم صحيت هنية.. بصت للبنت وهي نايمة واتحسرت على حالهم.. 
خدتها ورجعت لسيد تستسمحه.. 
مكانش موجود في البيت.. رمى هدومها في الشارع.. ورجع لسعاد.. 
فضلت قاعدة قدام البيت وبتعيط.. 
"هعيش منين يا سيدة، هعيشك ازاي! .. شفتي عملتي فيا وفي نفسك ايه!"
فضلت هنية تكلم نفسها لحد ما سعد جارهم أخدها وخلاها تقعد في أوضة المسافرين عندهم.. 
مراته شالتها.. وضايفتها.. 
عدت 5 شهور.. هنية كل يوم تروح لسيد ويصدها ويشتمها.. 
رجعت هنية في يوم. سعد ومراته كانوا محضرين ليها عرض كويس.. مفيش حاجة ببلاش.. وال 5 شهور دول مكانوش صدقة منهم.. 

-" بقولك إيه يا حبيبتي، انتي عارفة انك بقالك كتير قاعدة كده، وان هييجي يوم ولازم تدوريلك على سند، ولا تشوفيلك مخرَج، ودار تأويكي.. انتي عارفة حسن أخويا.. هو صحيح أكبر منك ب 20 سنة بس هيستتك ومش هيخليكي محتاجة حاجة!.. وجوزك أهو طلقك.. ومحدش ليه عندك حاجة.. وأخويا هيتجوزك على سنة الله ورسوله.." 
ردت هنية بيأس وبدون تفكير.. "أنا موافقة.." 
- "أه .. بس.. هو كان ليه شرط واحد" 
- "شرط! .. إيه؟" 
- "مش عاوز غيرك انتي، يعني مش عاوز يربي البت" 
- "وبنتي أرميها في الشارع!؟.. أرميها زي ما أبوها رماها!!؟" 
- "بصي يا هنية يا حبيبتي.. انتي مش هتفضلي عايشة عندنا العمر كله.. آه.. وبعدين مين قال انك هترميها.. انتي هتحطيها في دار أيتام.. ناس أكابر يربوها، ويخلوا بالهم منها.. وانتي بطولك هتصرفي عليها ازاي! .. دوري ياختي الكلمتين دول في عقلك وقوليلي رأيك.." 
وافقت هنية تتجوز حسن.. وخصوصا بعد ما عرفت إن سعاد حامل في ولد.. 
أخد سعد البنت، وحطها قدام دار أيتام.. سابها في الطل .. 
كلهم رموها.. 

قعدت في الملجأ، كانت البنت الوحيدة اللي مفيش ولا عيلة بترضى بيها. 
بعد 4 سنين في الملجأ اكتشفوا إن سيدة ما بتسمعش.. 
كلامها كان تقيل.. بس بتتكلم.. 
عدت سنين ومفيش حد مكانش بيخاف منها. خصوصا بعد اللي حصل..
-إيه اللي حصل؟ 
في يوم كانت الساعة واحدة بالليل.. كل البنات في الملجأ نايمين..
قامت سيدة مفزوعة من النوم.. فضلت تخبط على الباب وتصرّخ .. مشرفة البنات قامت تشوف فيه إيه..
سيدة شاورتلها، وقالتلها بالحرف: "اصحابي هياخدوا عبير" 
راحت المشرفة، لقت عبير نايمة في سريرها، سيدة واقفة بتبص على الفراغ اللي جنب المشرفة.. 
قالتلها: "اصحابي واقفين جنبك، وهياخدوا عبير" 
بدأت سيدة تصرّخ.. والمشرفة حطت ايديها على عبير لقت جسمها بارد جدا.. البنت ماتت!
كل البنات استخبوا وبعدوا.. 
ومحدش فيهم كان عاوز ينام تاني في أوضة واحدة مع سيدة..

.. دي مش الحاجة الوحيدة اللي حصلت.. 
في زيارة الدكتور النفسي السابق للدار.. كان بيشوف سيدة. كان عندها 10 سنين تقريبا
وده اللي حصل: 
- أنا عارفاك
شاورلها الدكتور بلغة الإشارة وهو بيحرك شفايفه عشان تقراها: 
"عارفاني منين بقا يا ست سيدة" 
- اصحابي عارفينك، وبيقولولي حاجات عنك. 
- "اصحابك؟ .. مين بقا اصحابك دول؟" 
- اللي واقفين وراك. 

- "اممم .. وبيقولولك إيه عني؟" 

- بيقولوا انك عندك عربية هتتكسّر" 

- "اممم، وانتي بتسمعي اصحابك دول، ولا بيكلموكي ازاي؟" 

- هم الوحيدين اللي بسمعهم، مش بيبطلوا كلام.. بيقولولي اللي هيحصل وبيعلموني الكلام.. وبيعلموني حاجات تانية .. عارف؟ 
أنا اصحابي عارفين سيد وهنية وسعاد.. أنا واصحابي مش بنحبهم.. 

- "سيدة ممكن توصفيلي اصحابك؟" 
- مالهمش وش .. لونهم اسود .. بيحبوني عشان بسمعهم .. 
- "وبيقولوا ايه دلوقتي؟" 
- بيقولوا عربيتك هتتكسّر.. 
.. فجأة بدأت البنت تضحك بهستيريا.. الدكتور مشي.. وكان قلقان! 
بعد يومين قامت سيدة من النوم وفضلت تصرّخ .. كانت نايمة في أوضة لوحدها.. 
المشرفة والأمن قاموا.. فتحوا الأوضة.. مالقوش حد.. سيدة مكانتش موجودة.. 
محدش عرف هي خرجت ازاي ولا راحت فين!
الدكتور جه سأل عليها تاني.. كان دراعه مكسور وعربيته عملت حادثة.. 
ساعتها عرف إنها هربت من الدار.. 

- مين اللي بيخبط دلوقتي!! 
- قومي يا سعاد شوفي مين اخلصي.. 

* بسم الله الرحمن الرحيم! .. إنتي مين يا بنتي وايه اللي جابك هنا الساعة دي لوحدك! انتي بنت مين وتايهة ولا ايه حكايتك!!

بصت سيدة جنبها .. وبعدين ردّت

- "أنا سيّدة بنت هنية .. أنا مش لوحدي .. اصحابي جايين ياخدوا ابنك" 

فجأة سعاد جسمها قشعر، وفضلت تصرّخ.. وتنادي على سيّد .. 
قام سيّد من النوم وخرج يشوف فيه ايه.. 

- الحقني يا سيّد .. بنت هنية 
- إنتي ايه اللي جابك هنا !
- "اصحابي جايين ياخدوا ابنك" 

فجأة بدأت سيدة تصرّخ .. وجريت سعاد على أوضة الولد..
خرجت وهي شايلاه على إيديها.. لسانها مشلول .. قربت من سيد واداته الولد.. 
فضل سيد يحرك في الولد ما بيتحركش..
فضل يعيط ويصرّخ .. الواد اللي كان مستنيه طول عمره بعد ما جاله راح.. 
قعدت سيدة تضحك.. وسعاد مش قادرة تتحرك..

مشيت سيدة لحد بيت هنية.. 
فضلت تصرّخ .. وتضحك .. 
وبعدين مشيت .. لحد ما وصلت للملجأ تاني.. 
ومن يومها وهي هنا.. بتقعد تغني وتحكي حكاية سيد وهنية وسعاد .. 

- وإيه اللي حصل لهنية؟ 
حسن جوزها مات في نفس الليلة اللي مات فيها ابن سيد .. 
وبعد ما مات سعد ومراته خرجوها من البيت وما ادوهاش ولا مليم.. فضلت في الشارع. 

- وسيد؟ وسعاد؟ 
سعاد إتشلت ومبقتش تنطق.. وسيد اتجنن، مرداش يدفن ابنه وفضل حاضنه يومين.. وبعدها بقى يمشي في الشارع ينادي عليه.. 

- ممكن أشوف سيدة دلوقتي؟ 
- بس خلّي بالك.. أنا قلتلك الدكتور التاني حصل فيه ايه..
- متقلقيش.. بس أنا مبعرفش لغة الإشارة..
- لا من الناحية دي متقلقش .. هي هتسمعك! 
- إزاي مش هي ما بتسمعش!! 
- ما بتسمعش بشر.. بس اللي بتسمعهم وبتكلمهم بيسمعونا.. 

.....

- سيدة ممكن نتكلم مع بعض شوية؟ 
- "أنا عارفاك" 
- امم .. أنا عارف إنك عارفاني.. وعارف إنك بتقدري تسمعي حاجات إحنا منقدرش نسمعها .. 
"فجأة بدأت تضحك بهستيريا" 
- ممكن أعرف بتضحكي ليه؟ 
- اصحابي قالولي إن وقتك قرب ينتهي.. 

©أسماء عبد الناصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جزء مفقود في الترجمة

Black Mirror - New written episode.

مبقاش سر