المرآه The mirror

مرايتي يا مرايتي، مين أوحش بنت في الدنيا؟ 
كبرت وأنا عايشة مع أبويا ومراته..
اللي كانت دايما محسساني إني بشعة، ومحدش هيحبني، ولا هنجح في حاجة في حياتي.
طول 12 سنة مستحملة لحد عيد ميلادي ال 18 اللي قررت فيه أسيب البيت وأعيش لوحدي، عمري ما كنت هقدر آخد قرار كبير زي ده، غير لما وصلتني هدية جدي -والد أمي- 
وديعة بإسمي في البنك، مبلغ مش بطال عشان أدخل الجامعة، 
جدي عرض عليا أكتر من مرة أعيش معاه، بس انا عرفته إني حابة أستقل بحياتي، وأثبت حبه الكبير ليا.. لما ساعدني على رغبتي.

لقيت شقة بسيطة جدا تكفي شخص واحد.. وكلمة شقة هتكون مبالغة .. بس كنت مبسوطة بيها جدا،
ايجارها مناسب، وقريبة من الكافيه اللي بشتغل فيه.
بعد ما نقلت بإسبوع كان عيد ميلادي.. وعشان ماليش غير 2 اصحابي هم اللي هيحتفلوا معايا -غصب عني- اضطريت استقبلهم في الشقة.. كانوا لطاف جدا وجابولي أغراض للبيت..
وعجبهم المكان وحببوني فيه أكتر.
جيسي -صاحبتي-
فتحت الباب لما رن وقالتلي وصلك طرد!
كان كبير جدا لدرجة اننا واجهنا صعوبة في دخوله من الباب.
ومع الطرد كارت
"عيد ميلاد سعيد يا ابنتي الجميلة"

أكيد ده مش من بابا اللي مش فاكر أصلا انا عندي كام سنة!
ماما؟
ردت جيسي وهي جدية للغاية: "الموتى مش بيبعتوا هدايا"
رون بصلها بلوم عشان اللي قالته.
وهي اعتذرت فورا.

بعد ما مشيوا جيسي ورون كنت مجهدة جدا طول اليوم في الشغل.. ورغم اني انبسطت معاهم.. بس كان يوم عادي زيه زي أي يوم من أيامي الحزينة. أو ده اللي كنت فاكراه.
نمت فورا، والصبح وانا في طريقي للشغل افتكرت موضوع الطرد.. كنت ناسياه تماما..
قاومت نفسي كتير قبل ما أتصل ببابا اللي مكلفش نفسه واتصل يهنيني بعيد ميلادي.. ده ان كان اصلا فاكره!
- صباح الخير يا بابا
* صباح الخير يا حبيبتي.. خير فيه حاجة؟
- لأ.. بس كنت حابة أشكرك على هدية عيد ميلادي!
* أوبس أنا آسف نسيت.. هو النهاردة صح!
- لأ .. كان امبارح.
* امممم
- انا بس بسألك، انت اللي بعتلي طرد امبارح؟
* لأ.. طرد ايه!
- اوك .. باي.
.. انشغلت طول اليوم لحد ميعاد البريك، قلت أجرب واعرف مين اللي بعت الطرد.
راسلت الموقع اللي بعتلي الطرد وسألت عن اللي اشتراه، واللي اوصى انه يتبعت ليا.. لكن مقدرتش اوصل لحاجة.. وايا كان اللي بعت الطرد ده.. فهو مش حابب اعرف مين!
وده اللي زاد الموضوع غرابة!
..
انشغلت بعدها جدا.. وكنت قلقانة عشان الجامعة اللي طول عمري بحلم بيها أخيرا المرحلة دي من عمري هتبتدي!
جيسي تولت مهمة جعلي بشعة أقل مما كنت.
و رون أهداني أول فستان هلبسه في حياتي.
أما عن الكتب والمواد اللي هختارها فدي كانت الحاجة الوحيدة اللي دايما مستعدة ليها..
وفجاة واحنا قاعدين رون سألني لقيت ايه في الطرد
فإفتكرت.. وجيسي كالعادة وبختني عشان لا مبالاتي..
وقالت ان ممكن يكون فيه قنبلة في الطرد، أو كلب ولا قطة وانا بغبائي وعدم فضولي هكون سبب في موته!
الفكرة خوفتني، هي كان معاها حق.. وصلوا معايا لحد البيت رون كمل طريقه.. وجيسي طبعا طلعت معايا.
فتحنا الطرد.. وكانت مراية!
من كتر جمالها حسيت انها مسروقة من متحف.. دي أكيد تساوي كتير جدا..
جيسي كان هيغمى عليها من كتر ما حبت المراية!
خرجناها من الكرتون، وحطيتها في أوضة نومي!
جيسي مشيت، وانا قعدت على الارض قدام المراية..
مش ببص لإنعكاسي.. لأ.. ببصلها!
كان ليها برواز خشبي لونه برونزي، ومزخرفة بأشكال غاية في الجمال..
رغم اني مش فضولية في العادي.. بس لما تجيلي هدية.. أحلى وأغلى هدية جاتلي في حياتي، ومن شخص معرفوش! لازم أكون فضولية!

عمري ما كنت بحب المرايات.. لإنها ما بتحبنيش.
كانت عدوي الأول.. ثقتي بنفسي بتتهز لما أبص في المراية.
وسارة مرات أبويا كانت عارفة كده!
ساعتها كل فرحتي بالهدية اختفت..
دي إهانة ليا.. سارة باعتاها عشان تحبطني..
قررت أتصل ببابا تاني وأحكيله عن اللي حصل
- انت قلت مبعتليش حاجة .. بس مراتك بعتت
* بعتت ايه.. مش فاهم
ساعتها سارة أخدت الموبايل وكلمتني.. وقبل ما اوبخها على اللي عملته..
شفتها واقفة ورايا.. ! أنا متاكدة اني مش بخرف.. قفلت الخط وجسمي كله ارتعش من الخضة..
مبتسمة.. فاردة شعرها الطويل على كتفها.. لابسة الفستان اللي دايما بتجيلي بيه في الحلم.. بصيت ورايا ما لقتش حاجة!
قربت من المراية وهي لسه مبتسمة ليا وساكتة!

الخوف خلاني أقلب المراية على ضهرها.. واطلع بسرعه من الأوضة.. ويومها نمت في المطبخ..
بعد صعوبة نمت.. وجاتلي ماما في الحلم!
- ما تخافيش، انا جيت أساعدك!
دي الجملة اللي كانت بتقولها طول الحلم!
وقبل ما أصحى باست خدي.. وابتسمت لي ومشيت..
صحيت كان خوفي أقل
.. يمكن عشان بالنهار!
قررت أقلب المراية على وشها.. بس لقيت كلمة مكتوبة بلون دهبي وبارزة على المراية من ورا
كان مكتوب: "Your Mom's Eyes"
كنت حاسة بالف احساس مختلف وبيتصارعوا جوايا، قلبت المراية بخوف..
ولقيتهاا.. وكلمتني!
- صباح الخير يا جميلتي

قعدت قدام المراية ساكتة.. وهعيط.
رجعت كلمتني : "أتمنى لو كنت موجودة، واحضنك يا حبيبتي"
* ماما.. وحشتيني.. انا تعبانة ووحيدة.
- وانتي يا روحي وحشاني. بس انتي مش وحيدة.. طول ما انا في قلبك.. مش وحيدة.
* انتي كنتي جميلة جدا.. يا ريت لو كنت طلعت شبهك.
- إنتي أجمل مني.
* أنا اوحش بنت في الدنيا.
وقتها انعكاسها في المراية بهت.. وملامحها ملاها الحزن.. وما شوفتهاش!
شكيت لو كان اللي شوفته ده أصلا حقيقة.. ولا انا فقدت عقلي.
قمت وقربت من المراية وتحسستها.. كانت مراية عادية!

أول يوم ليا في الجامعة، لبست الفستان الوردي اللي أهداه ليا رون.. وظبطت شعري زي ما جيسي قالت انه بيليق عليا.. واستعديت للخروج.. بس قلت أبص في المراية الأول!
وقفت وبصيت.. أوك! فيه حاجة غريبة..
أنا كنت حاسة لأول مرة في حياتي اني مش بشعة!
يمكن الفستان! يمكن تسريحة شعري!
معرفش! وقتها ظهرتلي تاني.. وقالتلي: "إنتي جميلة"
كان انعكاسي في المراية مطابق ليها وهي وافقة.. كإننا واحد.. بصيت لملامح وشها وحسيت اني شايفة نفسي.. كان احساس زي السحر.. قولتلها فعلا جميلة!
كل الثقة اللي فرغتها مني سارة.. كانت المراية.. كانت ماما.. بترجع تملاني بيها.
برجع أحكيلها عن يومي وعن اصحابي.. عن أول حب.. عن مواقفي مع رون وجيسي..
وكان دايما ردها بإني أستحق الأفضل.. وإني جميلة.. وإنها بتحبني!
بعد 11 شهر قررت أنتقل عشان أعيش مع 2 من اصحابي، قريب من الجامعة ومكان أوسع..
طلبت شركة من اللي بينقلوا الأغراض.. وحملوا كل حااجة في االبيت.. كنت معاهم وحريصة جدا.. على المراية..
حطوها مع الحاجات.. ونقلنا للبيت التاني...
وأنا بفرغ الحاجات ما لقتش المراية!
اتصلت بالشركة والعمال اتأكدوا ان العربية كانت فاضية.. رجعت الشقة القديمة وما لقتش المراية لإني ما نستهاش أنا متأكدة!!
مكانش ليها أي أثر.
حسيت اني فقدت أمي للمرة التانية!
رحت وقفت قدام مراية اصحابي وقعدت أتكلم ومستنية انها تظهرلي..
عدت أيام.. وبقت أسابيع.. وكان يوم عيد ميلادي.. اصحابي احتفلوا بيا، وعلى عكس كل أعياد ميلادي اللي فاتت كنت سعيدة من كل قلبي.. راضية عن شكلي، حابة نفسي، وممتنة لكل حاجة في حياتي.. كنت حاسة إني محبوبة.. وإني ناجحة.. وإني جميلة!
مكانش ناقصني غير وجود أكتر حد حبيته..
لحد ما جاتلي في الحلم!
- انتي ليه سيبتيني!!
* عشان دوري انتهى
- انا محتاجاكي!
* عارفة.
- ارجعيلي أرجوكي!
* هكون دايما في قلبك..
- والمراية؟!
* فيه بنت تانية محتاجاها..

©أسماء عبد الناصر